قال الشيخ الألباني - رحمه الله رحمةً واسعة - في تمام المنة (ص222) في الكلام على زيادة: " ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها " في حديث وائل بن حجر في صفة الصلاة: «فمن الخطأ الجلي رد التحريك المذكور فيها لتفرد زائدة بن قدامة به دون سائر أصحاب عاصم بن كليب، وذلك لأمرين:
الأول: أنهم رووا الإشارة، وهي لا تنافي التحريك كما تقدم،
الثاني: ثقة زائدة، وشدة تثبته في روايته عن شيوخه ... »،
وقد رأيتُ الشيخ الألباني - رحمه الله - مشى على الصواب في إعلال لفظة: " ولا يحركها " في حديث عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه - كما في الضعيفة (12/ 136) وتمام المنة (ص218) وضعيف أبي داود (1/ 368 - 370) -، ولا أدري وجهَ التفريق في التعامل مع زيادة: " يحركها " والزيادة المذكورة، فالصورة واحدة، وسبب الإعلال موجود في الزيادتين، بل هو أظهر في زيادة: " يحركها " منه في الأخرى!
وقد أشار لذلك الشيخ مقبل الوادعي - رحمه الله -، قال الشيخ أحمد بن علي بن مثنى القفيلي في كتابه " بغية الطالب المبتدي من أدلة صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - " (ص151): (اجتمع شيخنا أبو عبد الرحمن الوادعي - رحمه الله - بشيخنا الإمام العلامة أبي إبراهيم محمد بن عبد الوهاب الوصابي - حفظه الله - قبل خمس سنوات أو أكثر بدار الحديث بدماج بعد صلاة العصر، وكنت حاضرًا معهما، فدار نقاش حول هذه الزيادة - يعني: زيادة: " يحركها يدعو بها " -، فقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب - حفظه الله -: إن زائدة بن قدامة ثقة، وإن الشيخ الألباني قد صحح هذه الزيادة.
فأجابه شيخنا أبو عبد الرحمن - رحمه الله -، فقال: " إن الشيخ الألباني قد حكم على زيادة تفرد بها زائدة في حديث آخر وخالف راويين بالشذوذ، وهو في هذا الحديث قد خالف خمسة عشر راويًا، فإذا لم تكن هذه الزيادة شاذة، فليس في الدنيا شاذ " ا. هـ كلامه - رحمه الله - أو بمعناه).
وقال د. ربيع بن هادي المدخلي في اللقاء مع طلاب العلم بمكة: «فزيادة الثقة إن كانت مخالفة لأصلها - أي: المزيد عليه - مخالفةً لا يمكن التوفيق بينهما، حينئذ نرجع إلى الأدلة، إن كانت منافية رجعنا إلى الأدلة، وإن كانت غير منافية فالأصل فيها القبول؛ لأن هذه الزيادة بمنزلة متن مستقل يأتي به إمام من الأئمة، يرويه محدث عن محدث ثقة عن ثقة إلى أن يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ...
فحكم الزيادة إذا كانت غير منافية: القبول، نقبلها كما نقبل النصوص المستقلة التي جاءتنا عن طريق الأفراد، والتي تفرد بها حافظ عن حافظ, حافظ ثقة عن حافظ ثقة.
وإذا جاءت منافية أو نرى ظاهرهما التعارض فنحاول الجمع بينهما، كما إذا تعارض نصان صحيحان، فإننا في الخطوة الأولى نحاول أن نوفق ونجمع بين هذين النصين الذين ظاهرهما التعارض، كذلك نفعل في زيادة الثقة: نحاول أن نجمع بينها وبين ما يظهر أنه معارض لها، فإن أمكن الجمع بدون تعسف فالحمد لله, وإذا ما أمكن؛ فحينئذ نرجع إلى الترجيح كما نفعل مع الأحاديث والنصوص المستقلة تمامًا».
إلى غيرها من النصوص عن المتأخرين والمعاصرين في ذلك، وهي كثيرة، بل كتب (عطية بن صدقي أبو أسماء المصري) مقدماتٍ في زيادة الثقة قبل بحثه في إثبات زيادة: " يحركها " في حديث وائل بن حجر= أكّد فيها اشتراط المنافاة، وجمع الأقوال في ذلك، وقدّم له كتابَهُ: الشيخ مشهور حسن سلمان، وعلي الحلبي، وهو بعنوان: " رفع الملام عن من (كذا!) حرك إصبعه من التحيات إلى السلام ".
يتبع - بعون الله -.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[17 - 08 - 07, 06:45 م]ـ
ومن ذلك ما نافح به المباركفوري في تحفة الأحوذي بقوة عن اشتراط المنافاة، ورد ردًّا طويلاً على النيموي الحنفي صاحب كتاب (آثار السنن)، لأنه ذكر أن المنافاة غير مشترطة في رد زيادة الثقة.
وفيما يلي نقل كلام المباركفوري، مع مناقشته وبيان أوجه الخلل الواقع فيه، والله الموفق:
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (2/ 82 - 85):
¥