تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا التعريف هو الذي عليه المحققون، وهو المعتمد، قال الحافظ في شرح النخبة: " فإن خولف بأرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، فالراجح يقال له: المحفوظ، ومقابله وهو المرجوح يقال له: الشاذ "، إلى أن قال: " وعرف من هذا التقرير أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفًا لمن هو أولى منه، وهو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح " انتهى.

والمراد من المخالفة في قوله: " مخالفًا ": المنافاة، دون مطلق المخالفة، يدل عليه قول الحافظ في هذا الكتاب: " وزيادة راويهما - أي: الصحيح والحسن - مقبولة ما لم تقع منافية لرواية من هو أوثق ممن لم يذكر تلك الزيادة، لأن الزيادة إما أن تكون لا تنافي بينها وبين رواية من لم يذكرها، فهذه تقبل مطلقا؛ لأنها في حكم الحديث المستقل الذي يتفرد به الثقة ولا يرويه عن شيخه غيره، وإما أن تكون منافية بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى، فهذه هي التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها، فيقبل الراجح ويرد المرجوح " انتهى.

وقال الشيخ ابن حجر الهيتمي في رسالته المتعلقة بالبسملة: " الشاذ اصطلاحًا فيه اختلاف كثير، والذي عليه الشافعي والمحققون: أن ما خالف فيه راوٍ ثقة بزيادة أو نقص في سند أو متن ثقاتٍ لا يمكن الجمع بينهما مع اتحاد المروي عنه " انتهى.

وقال الشيخ عمر البيقوني في منظومته في مصطلح أهل الحديث:

وما يخالف ثقة فيه الملا * * * فالشاذ والمقلوب قسمان تلا

قال الشارح الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني: " (وما يخالف ثقة فيه) بزيادة أو نقص في السند أو المتن (الملا) أي: الجماعة الثقات فيما رووه، وتعذر الجمع بينهما، (فالشاذ) كما قاله الشافعي وجماعة من أهل الحجاز، وهو المعتمد كما صرح به في شرح النخبة؛ لأن العدد أولى بالحفظ من الواحد، وعليه فما خالف الثقة فيه الواحد الأحفظ شاذ، وفي كلام ابن الصلاح وغيره ما يُفهِمه " انتهى.

وقال العلامة المجد صاحب القاموس في منظومته في أصول الحديث:

ثم الذي ينعت بالشذوذ * * * كل حديث مفرد مجذوذ

خالف فيه الناس ما رواه * * * لأن روى ما لا يروى سواه

قال الشيخ سليمان بن يحيى بن عمر بن مقبول الأهدل في شرحه المسمى بالمنهل الروي: " الشاذ لغةً: المنفرد، يقال: شذ يشذ شذوذًا إذا انفرد، وأما إصطلاحًا ففيه اختلاف كثير، ومقتضى ما ذكره الناظم الإشارة إلى قولين: الأول: ما ذهب إليه الشافعي وجماعة من أهل الحجاز: أنه ما رواه الثقة مخالفًا لرواية الناس - أي: الثقات - وإن كانوا دونه في الحفظ والإتقان، وذلك لأن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، وألحق ابن الصلاح بالثقات الثقة الأحفظ، وسواء كانت المخالفة بزيادة أو نقص في سند أو متن إن كانت لا يمكن الجمع بين الطرفين فيهما مع اتحاد المروي " انتهى».

ونقوله هذه كلها تدل على أن المتأخرين يشترطون المنافاة لرد زيادة الثقة، وذلك يخالف منهج أئمة النقد المتقدمين - كما بان في هذا الموضوع -.

قال المباركفوري:

«فإن قلت: فلم لم يقبل المحدثون المتقدمون كالشافعي وأحمد بن حنبل وابن معين والبخاري وأبي داود وأبي حاتم وأبي علي النيسابوري والحاكم والدارقطني وغيرهم= زيادة: " ثم لا يعود " في حديث ابن مسعود، وزيادة " فصاعدًا " في حديث عبادة، وزيادة " وإذا قرأ فأنصتوا " في حديث أبي هريرة وأبي موسى الأشعري، ولم يجعلوها محفوظة، مع أن هذه الزيادات غير منافية لأصل الحديث؟

قلت: إنما لم يقبلوا هذه الزيادات لأنه قد وضح لهم دلائل على أنها وهم من بعض الرواة كما بينوه وأوضحوه، لا لمجرد أن راويها قد تفرد بها كما زعم النيموي.

وإنما أطنبنا الكلام في هذا المقام لئلا يغتر القاصرون بما حقق النيموي في زعمه الفاسد».

وقد سبقت الإجابة على قوله الأخير هذا، بأن من أوضح الدلائل على وقوع الوهم من بعض الرواة: أن يخالفه غيره من الرواة؛ أكثر منه أو أوثق ... ، فيتركوا هذه الزيادة، وينفرد هو بذكرها.

وقد نصّ أبو حاتم الرازي على أن العلة في قوله: " ثم لا يعود ": أن غير الثوري لم يذكره، وذكره هو وحده، قال - كما في العلل (1/ 96) -: «هذا خطأ، يُقال: وهم فيه الثوري، وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة، فقالوا كلهم: (إن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتتح فرفع يديه، ثم ركع فطبق وجعلها بين ركبتيه)، ولم يقل أحد ما رواه الثوري».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير