ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[17 - 08 - 07, 11:02 م]ـ
بارك الله فيك.
الأمثلة كثيرة في قبول الزيادة، وأنا ذكرتُ أن مسألتنا في ردِّها، لكن لعلك ستبني على المثال شيئًا يتعلق بالمنافاة.
لذا، فأقرب مثال لزيادة الثقة المقبولة: ما راسلني به قبل قليل أحد الإخوة الفضلاء:
قال ابن قدامة في المغني (2/ 75، 76): (قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يُسأل عن رجلٍ يقضي صلوات، كيف يصنع في الأذان؟
فذكر حديث هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه: أن المشركين شغلوا النبي - صلى الله عليه وسلم- عن أربع صلوات يوم الخندق , حتى ذهب من الليل ما شاء الله. قال: فأمر بلالاً فأذن وأقام وصلى الظهر , ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأقام فصلى العشاء.
قال أبو عبد الله: " وهشام الدستوائي لم يقل كما قال هشيم , جعلها إقامة إقامة "،
قلتُ: فكأنك تختار حديث هشيم؟
قال: " نعم، هو زيادة، أي شيءٍ يضره؟ ") ا. هـ.
ومعنى كلامه - فيما يظهر -: أي شيء يضر هشيمًا أنْ زاد على هشام، فإنّ هذا من بابة زيادة الحافظ على الحافظ، وإذا زاد حافظٌ على حافظٍ قُبل.
والحديث مخرج في السنن والمسانيد من طريق هشيم، ورواية هشام في الكبرى للنسائي، وذكر البيهقي أنه قد اختُلف عليه في ذكر الأذان، فحفظه بعضهم عنه ولم يحفظه آخرون.
----
تنبيه: أرجو أن يكون تعليقك أبا عاصم بعد قراءة الموضوع كاملاً، إن أمكن ذلك، وفقك الله ونفع بك.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[21 - 08 - 07, 01:10 ص]ـ
وقد بين بعضُ العلماء والمشايخ من أهل العلم بالحديث في هذا العصر عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات، ومن ذلك:
سئل الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله - في المقترح (س155) حول تقسيم ابن الصلاح لزيادة الثقة، فقال: «هم يشترطون في رد الزيادة أن تكون منافية، لكن الذي يظهر أن الزيادة نفسها - كون أنها زيادة - تنافي، من الأمثلة على هذا: الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي موسى، وفيه زيادة في بيان كيفية الصلاة: " إذا قرأ فأنصتوا "، فالإمام الدارقطني ينتقد هذه الزيادة، ويقول: إنه تفرد بها سليمان التيمي، ويوافقه النووي - رحمه الله تعالى - على هذا، ويقول: إن الحفاظ - إشارة إلى جمع، إضافة إلى الدارقطني - ضعفوا هذه الزيادة. فالذي يظهر أن الزيادة بمجردها تعتبر منافاة».
ونقل الأخ الكريم أبو حمزة الأزهري السلفي، قال: سألت الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف: هل يشترط ركن المخالفة للحكم على الحديث بالشذوذ؟ أعني: أن البعض يشترط عدم إمكان الجمع قبل الحكم بالشذوذ، وإلا حكم بأن ذلك من زيادة الثقة، ومثلت للشيخ بصنيع الشيخ الألباني - رحمه الله - في حديث زائدة بن قدامة في صفة التشهد.
فأجاب الشيخ: «لا اعتبار بالمنافاة, بل العبرة بتحرير كل لفظة على حدة».
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=253285&postcount=9
وقال الشيخ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل المصري في إتحاف النبيل (1/ 111 - 113): «فإن قيل: إن بعض طلبة العلم يقول: الزيادة تقبل إلا أن تكون منافية لأصل الحديث، فإذا كانت منافية لأصل ما سيقت له فحين ذاك لا تقبل، أما إذا أمكن الجمع بينهما على طريقة التخصيص مع العموم أو التقييد مع المطلق= فتقبل.
قلت: وهذا قول للحافظ ابن حجر، وله قول آخر يردها لمجرد التفرد.
والذي ينظر في كتب العلل والكتب التي اعتنت بهذا الشأن، يجد أن العلماء يعلّون اللفظة الزائدة في الحديث وإن كان معناها لا ينافي الأصل الذي سيقت له، فمثلاً: حديث: " صدقة الفطر صاع من بر، وصاع من تمر ... " إلى آخر الحديث، وفيه: " على كل نفس حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين " أخرجه البخاري (1503) ومسلم (984). فزيادة: " من المسلمين " تفرد بها مالك - رحمه الله تعالى -، والعلماء أنكروا على مالك هذه الزيادة، مع أن هذه الزيادة لا تنافي الأصل الذي سيقت له.
والعلماء الذين دافعوا عن مالك ما قالوا: إن هذه الزيادة لا تنافي الأصل، وإنما قالوا: إن مالكًا توبع عليها، فأثبتوا بالمتابعة هذه الزيادة.
¥