تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدليل الثالث: أن العمدة في معنى التدليس هو وجود الإيهام في الرواية، ورواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه قد تكون موهمة، وقد لا تكون كذلك، كما هو الحال في رواية الراوي عمن لقيه وسمع منه، فإنها قد تكون موهمة، وهو الغالب، وقد لا تكون موهمة، وذلك عند ظهور ما يدل على الانقطاع، كأن يظهر من صنيع الراوي أنه لم يرد التحديث، أو كأن يبين الراوي عدم سماعه لذلك الخبر.

وذلك لأن المقصود بنفي اللقاء في قولهم (ولم يلقه) ليس هو ذلك الانقطاع الظاهر الواضح، الذي يعرفه عوام رواة الحديث، كالذي يكون مصدر معرفته الشهرة لدى أصحاب الحديث بأنه لم يلق من حدث عنه، أو كالذي يكون مصدر معرفته تصريح الراوي نفسه بعدم لقاء من روى عنه، لأن الرواية على ذلك الوجه لا إيهام فيها، وإنما المقصود بنفي اللقاء هو ذلك الذي لا يكاد يُعْرَفُ ممن يريد الإيهام بروايته إلا بعد الاستقصاء والبحث والتتبع، ولا يكاد يعرفه مع ذلك إلا النقاد الجهابذة.

وعليه فلا فرق بين رواية المعاصر الملاقي والمعاصر غير الملاقي من حيث الإيهام وعدمه، إذ كل منهما قد تكون روايته موهمة للسماع، وقد لا تكون كذلك، وإذا كان ذلك كذلك لم يكن للتفريق بينهما من حيث التدليس أي معنى، إذ كان التدليس معتمداً في معناه على وجود الإيهام.


[1] الكفاية ص (22).

[2] مقدمة ابن الصلاح ص (73).

[3] انظر إرشاد طلاب الحقائق للنووي (1/ 205)، والمنهل الروي لابن جماعة ص (72)، والمقنع في علوم الحديث لسراج الدين الأنصاري (1/ 154)، وغير ذلك.

[4] التقييد والإيضاح ص (98).

[5] توفي ابن المسيب سنة ثلاث وتسعين أو أربع وتسعين، كما في تهذيب التهذيب (4/ 76)، وولد مالك سنة ثلاث وتسعين كما في التقريب رقم (6425).

[6] توفي إبراهيم بن يزيد النخعي سنة ست وتسعين، كما في التقريب رقم (270)، وولد الثوري سنة سبع وتسعين، كما في تهذيب التهذيب (4/ 101).

[7] التقييد والإيضاح ص (97 - 98).

[8] انظر النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (2/ 614 - 615).

[9] انظر شرح النخبة مع شرحها لملا علي القاري ص (427).

[10] الكفاية ص (362).

[11] مراده فيما أحسب بقوله لم يرخص فيه أحد من العلماء أي من حيث النظر، وإلا فإن كثيراً منهم قد فعله.

[12] معرفة علوم الحديث ص (109).

[13] الكفاية ص (22).

[14] الكفاية ص (361).

[15] التمهيد لابن عبد البر (1/ 27).

[16] التمهيد لابن عبد البر (1/ 15 - 16).

[17] تاريخ ابن معين برواية الدوري (4/ 207).

[18] علل الترمذي الكبير ص (348).

[19] المراسيل لابن أبي حاتم ص (82).

ـ[سعيد بن محمد المري]ــــــــ[09 - 04 - 07, 06:17 ص]ـ
نسبة الحافظ ابن حجر ما ذهب إليه من تخصيص التدليس باللقاء إلى الشافعي وغيره

نسبة هذا القول للشافعي

وأما نسبة هذا القول للشافعي فالظاهر على ما أشار إليه الشريف حاتم العوني [1] بأن عمدة الحافظ في ذلك ما ذكره الشافعي في الرسالة وهو يعدد شروط قبول خبر الراوي حيث قال: "برياً من أن يكون مدلساً يحدث عن من لقي ما لم يسمع منه".

وأجاب الشريف العوني عن ذلك بأن هذا الشرط لا يفهم منه قصر تعريف التدليس على الملاقاة، لأن من صور التدليس رواية الراوي عمن لقي وروايته عمن لم يلق، فإذا بين الشافعي بأنه لا يقبل حديث المدلس عمن لقي فمن باب الأولى ألا يقبل حديثه عمن لم يلقه، وكلاهما يسمى تدليساً، فغاية كلام الشافعي أنه يطلق التدليس على رواية الملاقي، ولا يستفاد من ذلك أنه ينفيه عن رواية غير الملاقي.

وهناك جواب آخر، وهو ما أجبت به على ما أوهم ذلك في كلام ابن عبد البر الأخير، وذلك بأن يقال إن قوله (عمن لقي) ليس المراد منه ثبوت اللقي بوجود التصريح وإنما بوجود ما يدل ظاهره على ذلك، كالعنعنة، وقد لا يكون اللقاء في الحقيقة ثابتاً.

نسبة هذا القول للبزار

وأما نسبة اشتراط اللقاء للبزار فلأجل ما ذكره العراقي وغيره عنه، من أنه عرف التدليس في جزء معرفة من يترك حديثه أو يقبل بأن: "يروي عمن قد سمع منه ما لم يسمعه منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير