تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فكأن الزركشي انتقد ابن الصلاح على إدخال رواية الراوي عمن لم يسمع منه في التدليس، ظاناً أن هذه الصورة هي صورة رواية الراوي عمن لم يدركه، ولذلك عبر بقوله: (أما إذا روى عمن لم يدركه)، محتجاً بأن الخطيب قد ذكر أنها من قبيل الإرسال كما سيأتي، ثم أراد الزركشي أن يؤكد ما انتقده على ابن الصلاح فنقل قول ابن القطان، وهو صريح في عدم دخول رواية الراوي عمن لم يلقه في التدليس وقصره على رواية الراوي عمن لقيه، وزعم أن ما قاله ابن القطان قد قاله أبو بكر البزار، ولو كان قول البزار في ذلك صريحاً لنقله بحروفه، وقدمه على قول ابن القطان والله تعالى أعلم.

ثم وقفت بعد ذلك على قول البزار بحروفه [6]، حيث نقله سبط ابن العجمي في كتابه التبيين لأسماء المدلسين قال: "قال أبو بكر البزار: إن الشخص إذا روى عمن لم يدركه بلفظ موهم فان ذلك ليس بتدليس على الصحيح المشهور. انتهى" [7].

وقول البزار هذا يؤكد ما تقدم ذكره عن رأي البزار وأنه لا يخالف غيره من أهل العلم في المسألة، ولو كان مخالفاً لهم لنقل ذلك الخطيب وهو يتكلم عن التدليس، وعن أقوال أهل العلم في حكم رواية المدلس، وإنما قلت بأن كلام البزار هذا يؤكد ما سبق لأنه ينفي في قوله هذا أن تكون رواية الراوي عمن لم يدركه تدليساً، وهذا هو المشهور عند أهل العلم، لأن رواية الراوي عمن لم يدركه إرسال جلي، والإرسال الجلي لا إيهام فيه، ومن شرط التدليس وجود الإيهام، وهو ههنا منتفٍ.

وأما رواية المعاصر الذي لم يسمع فلم يتعرض لها البزار بشيء، وعلى فرض أن يكون البزار قد ذكر في التدليس السماع واللقاء كابن عبد البر، فإنه لا يعني نفي تسمية رواية المعاصر الذي لم يلق من روى عنه تدليساً، كما هو الحال في عبارة ابن عبد البر.

نسبة هذا القول للخطيب البغدادي

وأما نسبة الحافظِ اشتراطَ اللقاء في التدليس للخطيب البغدادي فهي خطأ واضح، لأن الخطيب قد صرح بعدم اشتراط اللقاء في التدليس، وقد تقدم ذكر قوله، والذي جعل الحافظ ينسب إلى الخطيب البغدادي هذا القول أمران؛

الأول: أنه لم يقف على قول الخطيب المتقدم ذكره، لأنه لم يذكره عند كلامه على التدليس، وإنما ذكره في أول كتابه في باب (معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات).

والثاني: أنه وقف على كلام للخطيب في التدليس وكلام له في الإرسال فيهما بعض العبارات التي حملت الحافظ على نسبة هذا القول إليه.

إلا أن هذين القولين لا يدلان مطلقاً على نسبة اشتراط اللقاء في التدليس للخطيب، وسيأتي ذكرهما، ثم إن قول الخطيب الصريح قاطع للنزاع في ذلك فلا يلتفت إلى غيره، والله تعالى أعلم.


[1] انظر المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس (1/ 75).

[2] انظر النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (2/ 614 - 615)، فقد ذكر قول ابن القطان ثم قال: "وابن القطان في ذلك متابع لأبي بكر البزار، وقد حكى شيخنا قولهما".

[3] النكت على مقدمة ابن الصلاح للزركشي (2/ 69).

[4] بيان الوهم والإيهام (5/ 493).

[5] النكت على مقدمة ابن الصلاح للزركشي (2/ 68).

[6] وقد استفدت ذلك من كتاب (المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس) (1/ 86) للشريف حاتم العوني.

[7] التبيين لأسماء المدلسين ص (36).

ـ[سعيد بن محمد المري]ــــــــ[09 - 04 - 07, 06:20 ص]ـ
أرجو ألا يبخل علينا من اطلع على الموضوع من الأخوة الأفاضل بتعليقاتهم

ـ[عبد الله بن إبراهيم المدني]ــــــــ[10 - 04 - 07, 07:05 ص]ـ
جزيت خيراً ... سوف يكون هذا المبحث محل اهتمام بالنسبة لي.

ـ[سعيد بن محمد المري]ــــــــ[13 - 04 - 07, 12:19 ص]ـ
المطلب الثالث: معنى الإرسال وصوره

المراد بالإرسال الذي يبحث في صوره ليفرق بعد ذلك بينه وبين التدليس ههنا، هو الإرسال بمعناه العام، وهو الانقطاع، وليس المراد من الإرسال هنا الإرسال بمعناه الخاص الذي هو إسناد التابعي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الإرسال عند المحدثين هو الانقطاع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير