تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[1] جاء ت هذه الكلمة في المطبوع من الكفاية هكذا (بذلك) وهي في حاشية طبعة أخرى على ما ذكرته، وفي الطبعة التي حققها أبو إسحاق الدمياطي لم يذكر سوى الوجه الذي أثبته، وكذا جاءت في فتح المغيث للسخاوي وهو أصح.

[2] الكفاية ص (357).

[3] النكت على كتاب ابن الصلاح (2/ 615).

[4] انظر المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس (1/ 112 - 116).

ـ[سعيد بن محمد المري]ــــــــ[14 - 04 - 07, 05:57 م]ـ

المطلب الثاني: قول ابن حجر في التفريق

بين التدليس والإرسال

تقدم أن الخطيب هو أول من بَيَّنَ الفرق بين التدليس والإرسال ببيان واضح شاف، وأهل الاصطلاح بعد الخطيب من ابن الصلاح فمن بعده إلى عصر الحافظ ابن حجر يشيرون إلى المرسل الخفي إشارة، ويعنونون له بـ (المراسيل الخفي إرسالها)، والناظر في كلامهم يتبين له أنه يوافق كلام الخطيب، وإن لم يبينوا الفرق بين التدليس والإرسال ببيان يرفع اللبس، ويجلي المسألة، ولعلهم تركوا بيان ذلك لوضوحه عندهم.

إلا أن ثمة رجلين من أهل الاصطلاح قبل الحافظ ابن حجر قد بينا الفرق بين التدليس والإرسال بياناً واضحاً، أحدهما معاصر لابن الصلاح، وهو أبو الحسن بن القطان الفاسي، والآخر بعدهما بقرن، وهو ابن رشيد الفهري.

أما قول ابن رشيد فليس هو مخالفاً لقول الخطيب وسيأتي ذكره، إن شاء الله تعالى، وأما أبو الحسن ابن القطان فإن قوله أول قول يخالف قول الخطيب البغدادي في معنى التدليس والفرق بينه وبين الإرسال، وذلك أنه قال: "التدليس ونعني به أن يروي المحدث عمن قد سمع منه ما لم يسمع منه من غير أن يذكر أنه سمع منه، والفرق بينه وبين الإرسال هو أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه، ولما كان في هذا قد سمع منه جاءت روايته عنه ما لم يسمع منه كأنها إيهام سماعه ذلك الشيء، فلذلك سمي تدليساً" [1].

هذا هو قول ابن القطان، والمراد منه هو أن التدليس يختص برواية الملاقي فقط، والإرسال مختص برواية غير الملاقي، ويدخل في رواية غير الملاقي رواية المعاصر الذي لم يسمع ورواية غير المعاصر أصلاً، وعليه فالفرق بين التدليس والإرسال عند أبي الحسن ابن القطان، هو اختلاف صور التدليس عن صور الإرسال، فالتدليس ليس له إلا صورة واحدة، وهي رواية الملاقي ما لم يسمعه، وما عدا هذه الصورة من صور الانقطاع فهي من الإرسال.

والفرق بين قول ابن القطان وقول الخطيب هو أن الخطيب جعل الفارق بين التدليس والإرسال مرده إلى صنيع الراوي لا إلى روايته حيث قال: (لأن الإرسال للحديث ليس بإيهام من المرسل)، وقال: (وإنما يفارق حاله حال المرسل بإيهامه السماع) فنسب الإيهام إلى الراوي لا إلى الرواية، بينما ابن القطان قد جعل الفارق بين التدليس والإرسال مرده إلى رواية الراوي فقال: (ولما كان في هذا قد سمع منه جاءت روايته عنه ما لم يسمع منه كأنها إيهام سماعه ذلك الشيء، فلذلك سمي تدليساً).

تحقيق ابن حجر

وهذا القول الذي ذكره ابن القطان اشتهر عند المعاصرين نسبة تحقيقِهِ للحافظ ابن حجر، وهو أن التدليس رواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمعه منه، والإرسال الخفي هو رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه، وأما رواية الراوي عمن لم يدركه فهو الإرسال الجلي الظاهر [2].

ثم إن الحافظ ابن حجر قد استدل على قوله بأدلة ذكرها وناقشها الشريف العوني مناقشة مطولة في كتابه المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس، وتتلخص أدلة الحافظ ابن حجر فيما يلي:

1 - أن هذا القول هو الظاهر من تصرفات الحذاق [3]، وكأنه يقصد ما فهمه من أن الشافعي والبزار والخطيب يشترطون اللقاء في التدليس، وقد تقدم بيان أنهم لا يشترطون ذلك.

2 - أن النقاد قد "أطبقوا على أن رواية المخضرمين مثل قيس بن أبي حازم وأبي عثمان النهدي وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم من قبيل المرسل لا من قبيل المدلس" [4]، فكأن الحافظ يقول بأن رواية المخضرم عن النبي صلى الله عليه وسلم هي رواية المعاصر عمن لم يلقه، ومع ذلك لم يسمها أحد تدليساً، وهذا يدل على أن التدليس مختص برواية الملاقي، وأن الإرسال مختص برواية غير الملاقي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير