تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وواضح أن الشيخ الدكتور ألفضلي يخبط خبط عشواء لأنه وقع أسير هواه، وصريع مذهبه،فلكي يصل بالقارئ الى اتهام عمر رضي الله عنه وإظهاره بمظهر المتمرد على أوامر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لابد من إنكار كل ما ورد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أحاديث النهي عن الكتابة، لأنه إذا لم يتم إنكارها أو إغفالها فسوف يكون موقف عمر رضي الله عنه متسقا مع سنته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهذا ما لا يريده الدكتور ألفضلي، هذا أولا، وثانيا: أن ما ورد عن عمر رضي الله عنه من النهي عن التدوين لم ينفرد دون عيره من كبار الصحابة وعلمائهم، فقد ورد كذلك عن أبي بكر وعلي رضي الله عنهم وغيرهم ممن ذكرناهم إثناء حديثنا على موقف الصحابة من التدوين.

ومن الشبه التي أثارها الدكتور ألفضلي؛ محاولة تزوير الحقيقة في الأسباب التي دعت عمر رضي الله عنه الى عدم تدوين الحديث أو النهي عن تدوينه فقال:" ويبدو لي أن هذا كان منه لئلا ينتشر فضل أهل البيت من خلال نشر الحديث،ولئلا يبين فضل علي في الخلافة". ويبدو أن ألفضلي لم يكن وحده الذي يدندن حول هذا الوتر الحساس وهو محاولة تمزيق الأمة من خلال طرح التصورات التي تظهر صحابة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمظهر الأعداء،فهاهو هاشم معروف الحسيني يتحدث عن الأسباب التي منعت عمر رضي الله عنه من التدوين فيقول:"أن تأخر المسلمين عن تدوين الحديث والآثار الإسلامية لا يعود بالدرجة الأولى الى ندرة وسائل التدوين وتفشي الأمية كما يدعي بعض المؤلفين من العرب والمستشرقين،وذلك لان وسائل التدوين لم تكن بتلك الندرة حتى قبل ظهور الإسلام .. فلا بد من تلمس الأسباب التي صرفت المسلمين عن تدوين أحاديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خلال القرن الأول من الهجرة ... ولو تقصينا الاسباب التي يمكن افتراضها لتلك الرغبة الملحة في بقاء السنة في طي الكتمان لم نجد سببا يخوله هذا التصرف، ولا نستبعد انه كان يتخوف من اشتهار أحاديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في فضل علي وبنيه ".

ولست ادري ما الذي كان يخشاه عمر رضي الله عنه والمسلمون من بعده لمدة مئة عام من انتشار أحاديث فضل علي وبنيه؟ ولماذا يحاول هؤلاء أن يظهروا عمر وعلي رضي الله عنهما بمظهر المتخاصمين، وقد كان عمر يقول " بئس المقام بأرض ليس فيها أبو الحسن) وهو الذي كان يفضل الحسن والحسين في الاعطيلت على اولاده وكان يقول " ابوهما اقرب إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من ابيكم " كما هو ثابت في سيرته، وعلي رضي الله عنه بعد ذلك هو من جعل ابنته حليلة لعمر، فهل يعقل أن يعيش هؤلاء الصحابة العظام هذه الروح الازدواجية التي يحاول الفضلي ان يصورهم بها؟

ثم ما الذي تغير بعد المائة من الهجرة حتى يسمح أهل السنة الذين كانوا حريصين على أن تبقى السنة في طي الكتمان حتى تتجه وتتبنى الدولة تدوين السنة بما فيها الأحاديث الواردة في فضل علي وأهل بيته؟؟ لكن يبدو واضحا أن الإنسان حين تستولي عليه الكراهية وضيق الصدر والإحكام المسبقة فانه لا يستطيع أن يتخلص من هيمنتها، فتنقلب لديه كل التصورات فيبصر الفضيلة رذيلة والخير شرا. نسأل الله السلامة في القصد والصلاح في السلوك.

الخاتمة

في نهاية هذا البحث المتواضع أود أن أسجل ابرز النتائج التي توصلت إليها خلال بحثي المتواضع هذا:

• إن هدف الطاعنين ووسائلهم لتحقيق ذلك الهدف كانت ناجمة عن التعصب، وليس على اساس البحث العلمي، ولهذا جاءت شبههم حاملة للخواء الفكري الذي ابتلوا به.

• إن تأخر تدوين الحديث، لم يؤثر على سلامة الحديث النبوي الشريف بسبب عرض الرواة على ميزان الجرح والتعديل حتى قبل التدوين وهو المنهج الذي وضعه علماء الحديث من اهل السنة ليميزوا بين من تقبل روايته ومن ترد. في حين أن غير أهل السنة لم يعرفوا هذا العلم قبل القرن التاسع الهجري باعترافهم انفسهم بذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير