قال ابن الجزري: "وهو الذي عليه أهل الأداء بالعراق وسائر البلاد الشرقية". قال مَكِّيُّ بن أبي طالب في الرعاية (ص 206): "إذا سكنت الميمُ وجب أن يتحفظ بإظهارها ساكنة عند لقائها باءً أو فاءً أو واوًا، نحو ... (مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) (المائدة: 44)، وشبه ذلك كثير في القرآن. لا بد من بيان الميم الساكنة في هذا كله ساكنة من غير أن يحدث فيها شيء من حركة، وإنما ذلك خوف الإخفاء والإدغام لقرب مخرج الميم من مخرجهن، لأنهن كلهن يخرجن مما بين الشفتين، غير أن الفاء تخرج من باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العلى، ولولا اختلاف صفات الباء والميم والواو على ما قدّمنا من الشرح لم يختلف السمع بهن، ولَكُنّ في السمع صنفًا واحدًا"اهـ. وقال أبو الحسن بن المنادي: "أخذنا عن أهل الأداء خاصة تبيان الميم الساكنة عند الواو والباء والفاء، في حُسْن ٍ من غير إفحاش". وقال أحمد بن يعقوب التائب: "أجمع القراء علي تبيين الميم الساكنة وترك إدغامها إذا لقيتها باء في جميع القرآن". قال أبو عمرو الداني في التحديد (ص 167): "وذهب إلى هذا جماعة من شيوخنا، وحكاه أحمد بن صالح عن ابن مجاهد، وبالأول [- يعني الإخفاء -] أقول"اهـ وقال علي القاري: "واشتهرَ عندَ العامَّةِ أنَّ حروفَ (بوف) تظهرُ عندها الميمُ أي الأصليَّةُ".
وصحَّحَ الوجهين السابقين لكلِّ القرَّاءِ الصَّفَاقِسِيُّ في غيْثِ النفعِ ولم يُرجِّحْ أحدَهما على الآخرِ. وقال ابن الجزري: "وجهان صحيحان مأخوذ بهما".
وقال الشيخ عبد الرزاق علي موسى رحمه الله: "وعليه فلا وجهَ لمن مَنعَ وجهَ الإظهارِ من غيرِ غُنَّةٍ أو خَطَّأَ من يقولُ به، حيثُ إنه صحيحٌ وثابتٌ"اهـ.
* والثالث/ الإدغام: حكاه ابن الجزري عن ابن المنادي، وذكره عبد الدائم الأزهري وزكريَّا الأنصاري.
قال ابن الجزري في التمهيد (ص 156): "وإذا سكنت وأتى بعدها باء فعن أهل الأداء فيها خلاف، منهم من يظهرها عندها، ومنهم من يخفيها، ومنهم من يدغمها. وإلى إخفائها ذهب جماعة، وهو مذهب ابن مجاهد وابن بشر وغيرهما، وبه قال الداني. وإلى إدغامها ذهب ابن المنادي وغيره. وقال أحمد ابن يعقوب التائب: أجمع القراء على تبيين الميم الساكنة وترك إدغامها إذا لقيها باء في كل القرآن. وبه قال مَكِيّ. وبالإخفاء أقول، قياسًا على مذهب أبي عمرو بن العلاء. قال شيخنا ابن الجندي رحمه الله: واختلف في الميم الساكنة إذا لَقِيَتْ باء، والصحيح إخفاؤها مطلقًا، أي سواء كانت أصلية السكون كـ (أَمْ بِظَاهِرٍ) (الرعد: 33)، أو عارضة كـ (يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ) (آل عمران: 101) "اهـ.
* (تنبيه) الإقلاب ليس فيه إلا إخفاء الميم الساكنة، ولا تأتي فيه المذاهب الثلاثة السابقة:
قال ابن الجزري في النشر: "لم يختلف في إخفاء الميم ولا في إظهار الغنة في ذلك، وما وقع في كتب بعض متأخري المغاربة من حكاية الخلاف في ذلك فوَهَمٌ، ولعله انعكس عليهم من الميم الساكنة عند الباء. والعجب أن شارح أرجوزة ابن بري في قراءة نافع حكى ذلك عن الداني. وإنما حكى الداني ذلك في الميم الساكنة لا المقلوبة واختار مع ذلك الإخفاء"اهـ، والله أعلم.
(الأَدَا) قال القاري: "بالقصر وقفًا"اهـ، قال عبد الدائم: "البيت فيه عيب وهو الإِقْوَاء، لكنه جائز على غير الأحسن، وفيه التضمين"اهـ
(64) (وَأَظْهِرَنْهَا) بنون التوكيد الخفيفة الساكنة. (الأَحْرُفِ) قال القاري: "بالإشباع"، أي إشباع حركة الفاء وهي الكسرة. (وَفَا) قال القاري: "بالقصر للوزن"اهـ. اجتمع الواو والفاء في قوله تعالى: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (البقرة: 15) ففيه ثلاثة أمثلة لإظهار الميم الساكنة.
... هذا والله أعلم، وصلى الله وسلَّم وبارك على مَن أرسلَهُ اللهُ رحمةً للعالمين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين. وسبحان الله وبحمده، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
ـ[محمودالجندى]ــــــــ[24 - 11 - 10, 11:14 ص]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله
ـ[المخلصة]ــــــــ[26 - 11 - 10, 07:20 ص]ـ
{إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ}
إن إبليس حين لم يستطع أن يشغل الناس عن القرآن = شغلهم به عنه!
*تلقيت بالوجهين، وقالت أستاذتي حفظها الله وجزاها خيرا:
الوجهين مقروء بهما
لكنها كانت تحرص على تعليمنا ترك الفرجة في الإخفاء الشفوي لتعلمنا الوجهين لأن الوجه الثاني (الإطباق) أسهل ..
ـ[محمودالجندى]ــــــــ[27 - 11 - 10, 09:54 ص]ـ
{إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ}
إن إبليس حين لم يستطع أن يشغل الناس عن القرآن = شغلهم به عنه!
*تلقيت بالوجهين، وقالت أستاذتي حفظها الله وجزاها خيرا:
الوجهين مقروء بهما
لكنها كانت تحرص على تعليمنا ترك الفرجة في الإخفاء الشفوي لتعلمنا الوجهين لأن الوجه الثاني (الإطباق) أسهل ..
جزاك الله خيرًا
¥