وقد وقع عند ابن أبي داود من رواية يحي بن عبد الرحمن بن حاطب: فجاء خزيمة بن ثابت فقال: إني رأيتكم تركتم آيتين فلم تكتبوهما، قالوا:وما هما؟ قال: تلقيا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:لقد جاءكم رسول من أنفسكم، إلى آخر السورة،فقال عثمان:وأنا أشهد،فكيف ترى أن نجعلهما؟ قال:اختم بهما آخر ما نزل من القرآن
ومن طريق أبي العالية أنهم لما جمعوا القرآن في خلافة أبي بكر كان الذي يملي عليهم أبي بن كعب،فلما انتهوا من براءة إلى قوله تعالى: لا يفقهون، ظنوا أن هذا آخر ما نزل منها،فقال أبي:أقرأني رسول الله -صلى الله عليه وسلم -آيتين بعدهن (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) إلى آخر السورة
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[25 - 12 - 10, 03:13 م]ـ
للفائدة:
يقول الشيخ /د. سعد بن عبدالله الحميد حفظه الله تعالى
تعريفُ الخَبَرِ المُتَوَاتِر
نقول بالنسبة للخبر المتواتر: أولا من حيث
التعريف اللغوي، يعرفه أهل اللغة: بأن المتواتر هو المتتابع، ولذلك إذا قيل تواتر المطر أو تتابع المطر.
أما بالنسبة للتعريف الاصطلاحي عندهم: فسأذكره الآن، ثم بعد ذلك نبدأ في مناقشة هذا وما يتعلق به، فيعرفون الخبر المتواتر بأنه "ما يرويه عددٌ كثير تحيل العادة تواطئهم على الكذب، وتكون هذه الكثرة في جميع طبقات السند، وأحالوه إلى شيءٍ محسوس".
شروط الخبر المتواتر
فنستطيع من خلال هذا التعريف أن نستل أربعة شروط اشترطوها في تعريف الخبر المتواتر.
أول هذه الشروط: كثرة العدد.
ثاني هذه الشروط: توفر هذه الكثرة في جميع طبقات السند.
ثالث هذه الشروط: أن تحيل العادة تواطؤ هؤلاء الرواة على الكذب.
رابع هذه الشروط: أن يكون مستند هؤلاء الرواة الحس، أي لا الظن ولا النظريات ولا غير ذلك، إنما لابد أن يكون الخبر الذي يرون به ناشئًا عن حس، إما بالسماع أو بالمشاهدة، أو غير ذلك مما يدرك بالحواس.
نشأة التعريف
وسنتكلم -إن شاء الله -تعالى- عن مفردات هذا التعريف بشكلٍ يمكن أن يكون فيه شيءٌ من البسط، لكن بعد أن أقول إن نشأة هذا التعريف أو تقسيم الخبر بالمعنى الأدق إنما نشأت بعد ظهوور تيار المعتزلة، يعني في آخر القرن الثاني، فلو نظرنا في القرن الأول، وبداية القرن الثاني لا نجد لعلماء الحديث وغيرهم أيضًا من العلماء المعتبرين، لا نجد لهم كلامًا في هذا البتة، فلا يعرفون إلا الصحيح والضعيف، هل يثبت أو لا يثبت، أما هذه الشروط التي اشترطت في المتواتر، وهذا التعريف الذي ذُكر في المتواتر فلم يكونوا يعرفوه، من نازع في نازع في هذا الذي أقول، فهذه هي الكتب، موجودة، وهذه هي النقول، موجودة، فليذهب وليفتش، والوسائل المعينة والمساعدة الآن في الوقت الحاضر موجودة بحمد الله، كبرامج الحاسب الآلي، فليستعن بها وليذهب وليفتش وليبحث، فإذا وجد كلامًا يخالف ما ذكرتُ فليأتنا به، أنا ما أقول هذا الكلام إلا بعد سبر وتتبع وبحث طويلٌ في هذه القضية.
ما وجدت لأحدٍ من السلف كلامًا في هذا، وإنما وجدناه ظهر بعض ظهور تيار المعتزلة، لما ظهرت المعتزلة ظهر هذا المبحث، وبالذات بعد أن عُرِّبَت كتب اليونان، وتعرف أن كتب اليونان عُربت بعد مجيء الدولة العباسية، وعلى وجه الخصوص لما أنشأ المأمون دواوين لترجمة كتب اليونان إلى اللغة العربية، ففشى شرٌ كثيرٌ في الأمة أدى إلى انقسامها وإلى ظهور تلك الفتن والمحن والقلاقل التي حصلت بسبب الدخول في هذه القضايا الكلامية، ولذلك من ينظر في كتب الملل والنحل -كالفِصَل لابن حزم ونحو ذلك- يجد أن هذا المبحث مبحث من مباحث الأمم السابقة، ليس من مباحث أمة الإسلام في الأصل.
فهذا المبحث كان موجودًا عند اليهود وغيرهم ممن اضطروا إليه؛ لأنهم لم يكونوا ممن خصهم الله بهذه الخصيصة التي شرف الله بها الأمة المحمدية، وهي خصيصة ماذا؟ الإسناد، فالإسناد: من الخصائص التي شرف الله بها الأمة المحمدية، الأمم السابقة لم يكن عندهم الإسناد، لكنهم مضطرون إلى التعامل مع الأخبار تصديقًا وتكذيبًا في حياتهم، فيما يتلقونه من أخبار، أيضًا الأمم السابقة لهم، كيف يصدقون ويكذبون هذه الأخبار؟ لابد أن تكون عندهم موازين، وهذه الموازين لا حرج إذا وضعها الإنسان في حال الاحتياج إليها، لكن أن تكون قاضية على القضايا الشرعية التي دلت عليها نصوص الكتاب والسنة، فهذا الذي نرفضه ونأباه.
فنعرف أن المؤرخين وغيرهم من علماء الاجتماع وغير ذلك أحيانًا يحدثون بعض التعريفات وبعض الأشياء التي تخدمهم فيما يتكلمون فيه، فعلى سبيل المثال ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، تكلم في قضايا مهمة جدًا اجتهد هو فيها من تلقاء نفسه مع الاستئناس مع ما يجده في واقع الناس، فهذا لا حرج عليه فيه، إذا لم يكن مخالفًا لنصوص الشرع.
كذلك الأمم السالفة اضطروا لإحداث مثل هذه التعريفات للتعامل مع الأخبار تصديقًا وتكذيبًا، ولعلي أوضح مرادهم ببعض الأمثلة، فعلى سبيل المثال: لو جاءنا شخصان، أحدهما: نعرف يقينًا أنه جاء من المنطقة الشرقية، والآخر نعرف أنه جاء من المنطقة الغربية، وهذان نحن متيقنون أن كلا منهما لا يعرف الآخر إطلاقًا، فجاء كل واحد منهما وحدثنا بخبر شاهده، أي خبر من الأخبار؟ نعرف أنهما ما التقيا إطلاقًا، وهذا الخبر ربما انضاف إليه قرائن، كأن يكون خبرًا طويلا وفيه جزئيات وتفاصيل، يستحيل تمامًا أن يتفق هذان على شيء يمكن أن يتصوره أو يختلقه كل واحد منهما، ولذلك لما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية إن المتواتر في مثل هذه الصورة، أي إذا صدق الواحد الآخر وانتشر مثل هذا الخبر، يمكن أن يُقبل حتى من الكافر، يعني لا تُشترط فيه العدالة، هذا شيءٌ الناس يضطرون إلى تصديقه، إنسانٌ جاءك من مكان، وآخر جاءك من مكان، وأنت تعرف تمامًا أن كلا منهما ما لقي الآخر حتى وإن كانا كافرين، أو كانوا أكثر من اثنين كانوا كفارًا، قامت عندك قرائن تدل على صدقهم مع أنهم في الأصل قد يكذبون، لكن الكاذب قد يصدق في بعض الأحيان، كيف نستطيع أن نميز صدقه من كذبه إلا بمثل هذه القرائن.
http://www.islamacademy.net/index.aspx?function=Item&id=3001
¥