أما السؤال الأول فلا أعلم أين توجد مظانّ هذه القاعدة في كتب الأصول، لعل الأخوة المتقدمين في طلب العلم يفيدونا.
أما السؤال الثاني فوقع خلاف بين أهل العلم ومن أجاز هذا الفعل استدل بهذه القاعدة .. وممن أجاز هذا الفعل الامام النووي رحمه الله وردّ عليه الشيخ الألباني رحمه الله في أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ..
ودونك كلام الشيخ عبد الله الفوزان حفظه الله في كتابه منحة العلام في شرح بلوغ المرام:
عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَمَا مَرّتْ بِهِ أَيَةُ رَحْمَةٍ إلاَّ وَقَفَ عِنْدَهَا يَسْأَلُ، وَلاَ آيَةُ عَذَابٍ إلاَّ تَعَوَّذَ مِنْهَا. أَخْرَجَهُ الخَمْسَةُ، وَحَسَّنَه الترْمِذِيُّ.
الحديث دليل على أنه ينبغي للمصلي أن يتدبر ما يقرأه في الصلاة، وأن يسأل إذا مرَّ بآية فيها سؤال، وأن يتعوذ إذا مرَّ بآية فيها تعوُّذ.
وهذا كان في تهجده صلّى الله عليه وسلّم في صلاة الليل، لأنه كان يطيل الصلاة، ويكثر القراءة، فكان يفعل ما ذكر، وهذا يدل على حضور القلب، والمبالغة في تدبر القرآن، ولم يحفظ عنه هذا الدعاء في الفرائض، ومن هنا اختلف العلماء في ذلك.
فذهب بعض العلماء إلى أن الفرض والنفل سواء، لأن ما ثبت في الفرض ثبت في النفل إلا بدليل.
والقول الثاني: أن هذا لا يشرع في صلاة الفرض، لا سيما في حق الإمام، لأن عدم نقله في الفرض يدل على أن الأَولى تركه لأمرين:
الأول: أنه لم ينقل فيما نعلم، ولو كان سنة لنُقل، لأن الصحابة رضي الله عنهم نقلوا صفة صلاة النبي صلّى الله عليه وسلّم نقلاً دقيقاً، وقد نقلوا ذلك في النفل، ولم ينقلوه في الفرض، مع توفر الهمم والدواعي على نقله في الفرض أكثر من النفل، وقد سأل أبو هريرة رضي الله عنه النبي صلّى الله عليه وسلّم عن سكوته بين التكبير والقراءة، فلو كان يسكت عن القراءة للسؤال والتعوذ لنقل ذلك، لكن مع هذا فليس فيه دليل ينص على المنع، لأن غاية ما فيه أنه دعاء وتسبيح، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن»
الثاني: أن الدعاء في الفريضة لا سيما من الإمام قد يسبب التطويل على المأمومين، فيشق عليهم، والمطلوب هو التخفيف، كما سيأتي ـ إن شاء الله ـ في باب «الإمامة».
هذا بالنسبة للإمام والمنفرد.
أما المأموم فإن كان في صلاة السر فهو كالإمام والمنفرد، وإن كان في صلاة الجهر فإن أشغله السؤال والتعوذ عن الإنصات المأمور به كما لو كانت آية السؤال أو العذاب في أثناء قراءة الإمام فإنه يترك ذلك، وينصت لإمامه، إلا إن كان إمامه يسكت بحيث يتمكن من السؤال، فيكون حكمه كما تقدم، وإن لم يشغله بل أعانه على تدبر قراءة إمامه ولم يشغل من كان معه لم يكره له بل يستحب على أحد القولين، والله تعالى أعلم .. انتهى النقل.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وصحبه.
ـ[أبوخالد]ــــــــ[17 - 09 - 10, 04:22 م]ـ
رفع الله قدرك.