تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذه النصوص تدل على جواز إرادة وجه الله، وهذه المنافع الدنيوية معاً بالعبادة؛ لأن هذه المنافع الدنيوية ذكرت على سبيل الترغيب في هذه العبادات، وهذا النوع لا يبطل العلم الذي يصاحبه، ولكن أجر هذه العبادة ينقص منه بقدر ما خالط نيته الصالحة من إرادة الدنيا.

ثانياً: قد ثبت في صحيح البخاري (ح7457) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تكفل الله لمن جاهد في سبيله -لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله، وتصديق كلماته-: بأن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، مع ما نال من أجر، أو غنيمة".

ومن المعلوم أنه قد يحصل للمجاهد الأمران: الأجر والغنيمة، لكن إن لم يغنم يكون الأجر كاملاً، وإذا غنم ينقص الأجر. كما ثبت في صحيح مسلم (6/ 47) عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم".

قال الإمام النووي معلقاً على هذا الحديث في شرحه لصحيح مسلم (13/ 52): (وأما معنى الحديث فالصواب الذي لا يجوز غيره أن الغزاة إذا سلموا أو غنموا يكون أجرهم أقل من أجر من لم يسلم أو سلم ولم يغنم، وأن الغنيمة هي في مقابلة جزء من أجر غزوهم، فإذا حصلت لهم فقد تعجلوا ثلثي أجرهم المترتب على الغزو، وتكون هذه الغنيمة من جملة الأجر، وهذا موافق للأحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة كقوله: (منا من مات ولم يأكل من أجره شيئاً، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها) أي: يجتنيها، فهذا الذي ذكرنا هو الصواب، وهو ظاهر الحديث، ولم يأت حديث صريح صحيح يخالف هذا، فتعين حمله على ما ذكرنا).

وقال ابن رجب رحمه الله كما في جامع العلوم والحكم (17): (فإن خالط نيته الجهاد مثل نية غير الرياء مثل أخذه أجرة للخدمة، أو أخذ شيء من الغنيمة أو التجارة، نقص بذلك أجر جهاده ولم يبطل بالكلية .. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الغزاة إذا غنموا غنيمة تعجلوا ثلثي أجرهم، فإن لم يغنموا شيئا تم لهم أجرهم).

كما ذكر ابن حجر نكتة لطيفة في معنى الحديث فقال كما في الفتح (6/ 9): (روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا: (ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث، فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم)، وذكر بعض المتأخرين للتعبير بثلثي الأجر في حديث عبد الله بن عمرو حكمة لطيفة بالغة، وذلك أن الله أعد للمجاهدين ثلاث كرامات، دنيويتان وأخروية، فالدنيويتان السلامة والغنيمة، والأخروية دخول الجنة، فإذا رجع سالما غانما فقد حصل له ثلثا ما أعد الله له، وبقي له ثلث، وإن رجع بغير غنيمة، عوَّضه الله عن ذلك، ثواباً في مقابلة ما فاته، وكأن معنى الحديث، أنه يقال للمجاهد، إذا فات عليك شيء من أمر الدنيا عوضتك عنه ثوابا، وأما الثواب المختص بالجهاد فهو حاصل للفريقين معًا). والله أعلم.

ـ[أبو صفية الدرعمي]ــــــــ[28 - 10 - 10, 10:47 م]ـ

جزاك الله خيراً

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير