تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان رحمه الله مفطورًا على ممارسة الخدمات الاجتماعيّة والتواصل مع الناس ومشاطرتهم أحلامَهم وآلامَهم؛ فكان لدى التحصيل يعايش الطلابَ، ويقاسمهم الأمانيَ والحوائجَ، ويتعرّف دائمًا على ما يهمهم من الحوائج فيما يتعلّق بالدراسة والسكن وتسهيلات العيش والحياة المدرسيّة والجامعيّة العامّة، وكان يتوسّط لدى الإدارة والمسؤولين وكبار الأساتذين المعنيين لتحقيقها وإيجاد سبيل لتوفيرها على المستوى المطلوب.

وكنتُ كلما أراه أتأكّد أنّ الله عَزَّ وجَلَّ خلقه للخدمات الاجتماعيّة والشعبيّة وخدمة أبناء دينه بصفة خاصّة، ومن هنا كان ذلك سهلاً ميسورًا له، على حين يصعب على كثير من الناس رغم علمهم الغزير وفضلهم الكبير وتوسُّعهم في الدراسة. إنّه لم يكن كبيرًا بالنسبة إلى علمه وتحصيله الدراسيّ؛ ولكنه كان كبيرًا بالنسبة إلى ممارسته لخدمة الخلق وخدمة قضايا أمته، وكان يمسك بزمام قلب أيّ زائرٍ ومُلاَقٍ له بمجرد كلمات يتبادلها معه، ورغم أنّه كان لايجيد العربيّةَ أو الإنجليزيّة نطقًا أو كتابة؛ ولكنّه كان يتحبّب إلى من يلقاهم من العلماء والقادة العرب أو من سكان بلاد الغرب التي زارها؛ لأنه كان يُتْقِن لغةَ خطاب القلب وفنَّ الإرسال إلى ذهن المخاطب وفنَّ التواصل مع مشاعره وعواطفه مما كان يُشْعِره كأنّه لاَمَسَ بحديثه معه أوتارَ قلبه. إنه كان مفطورًا على فنّ كسب الأصدقاء، وكان لايعرف فن اتخاذ الأعداء.

ووجدتُه أنّه لحِرصه الشديد على خدمة الناس، ربما كان يُكْثِر من الوعد بتحقق حاجاتهم، وربما كان لايسعه الوفاء به لكثرة الارتباطات أو لعوائق أخرى؛ فكان يُسيءُ به الظنَّ من كان لاتتحقق حاجتُه التي كان يطلب إليه تحقيقها.

ولكونه متواصلاً – إبان تحصيله بدارالعلوم/ ديوبند – مع الطلاب وأحلامهم، انتُخِب رئيسًا لدارالمطالعة المدنيّة التي هي كبرى الجمعيّات الطلابيّة في جامعة ديوبند الإسلاميّة، كما اختير وكيلاً لجمعيّة علماء الهند في منطقة "ديوبند" ومديرية "سهارنبور" خلال دراسته بالجامعة. ولكونه مُعَايِشًا همومَ الطلاب، كان حظيًّا لدى الأساتذة والمسؤولين، وكان مُحَبَّبًا لدى الجميع، حيث عُجِنَت طينته بخدمتهم وحضوره الفعّال الدائم لدى أيّ حاجة تُلِمّ بهم؛ فكان يسعى لإنجازها لحدٍّ مستطاعٍ، وكان ذلك هوايتَه المُفَضَّلَة.

وكأنّه وَرِثَ ذلك عن أبيه الشيخ مجيب الله القاسميّ رحمه الله (المتوفى 1409هـ/ 1989هـ) الذي كان يعيش خادمًا للمسلمين، وللدين والتعليم الديني، فأَسَّسَ في منطقة واسعة في مديريّته أكثر من 21 مدرسة وكتابًا، وشَجَّعَ جماهيرَ المسلمين لخدمتها بكلّ ما لديهم من إمكانيّات ماديّة ومعنويّة. كان الشيخ فضيل أحمد القاسميّ ابنَ ذلك الوالد العظيم البارّ، عاش مُتَشَرِّبًا لفضائله، وتَرَبَّى في كنفه وفي صحبة عدد من العلماء الصالحين والمربّين الأجلاّء.

في 1399هـ/1979م بعد تخرجه في الجامعة الإسلاميّة دارالعلوم/ ديوبند بعام انتُخِبَ أمينًا لجمعيّة علماء الهند، وظلّ مستقرًا بمقرها الكائن بدهلي الجديدة، يتحرّك ويَسْعَى ويعمل ليلَ نهارَ، وكان الضيوف – الذين كانوا يتوافدون إلى الجمعيّة كثيرًا لكونها أكثرَ وأعمقَ شعبيّةً في المجتمع الإسلاميّ الهنديّ من أيّ جمعيّة ومُنَظَّمة إسلاميَّة في شبه القارة الهنديّة – ينجذبون إليه أكثر من أي مسؤول آخر في مقرّ الجمعيّة؛ لأنه كان يجذبهم جذب المغناطيس للقطع الحديديّة، بطلاقة وجهه، وابتسامته التي كانت لاتفارق محيّاه؛ وبتعامله الحسن اللبق مع الكل صغيرًا كان أو كبيرًا، وبنعومة حديثه التي كان ينفذ بها إلى القلوب، فيشعر الزوّار والضيفان كأنه جزء من أنفسهم، وأخلص لهم من ذواتهم، وأعرف بهم وبحاجاتهم من أشخاصهم هم.

قد ينجذب القلوبُ إلى بعض الناس لصلاحهم وتقواهم و زهدهم وصلتهم القوية بالله التي تحببهم إلى الخلق، لأن الله يحبّهم؛ ولكنّه قد يجذب بعضُ الناس الناسَ لتلك الخصال الحميدة الفضيلة التي كان يتمتّع بها الفقيد الغالي الشيخ فضيل أحمد القاسميّ، بغض النظر عن التدين والصلاح. حقّا إنه كان فريدًا بين الأقران بالنسبة إلى هذه الصفات الجميلة التي ذكرتُها والتي تفعل في الزائرين والملاقين فعل السحر وتُحَبِّب صاحبَها إلى الخلق على اختلاف الأعمار والأجناس والأعراق والديانات.

لمزيد من التفاصيل عن شيوخه وعلومه اضغط هنا ( http://montada.gawthany.com/VB/showthread.php?p=132934#post132934)

* * *

جزاكم الله خيرا دكتور يحيى على ما تتحفنا به من نوادر

ننتظر دوما جواهرك ودررك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير