ـ[أبو علي]ــــــــ[20 Nov 2003, 10:24 ص]ـ
آية الكرسي
ما علاقتها بالآية الكبرى؟
بما أن رسول الله قال إنها أعظم آية في القرآن فلا بد أنها تتكلم عن البينة العظمى.
نلاحظ أن آية الكرسي والآيات المتعلقة بها جاءت بين آية الأمر بالإنفاق والجزاء على ذلك.
أما الأمر بالإنفاق فقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون.
وأما الجزاء على ذلك فهو قوله تعالى: مثل الذين ينفقون في أموالهم سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ..
لماذا جاءت آية الكرسي والآيات التابعة لها هنا بين الأمر بالإنفاق والجزاء عليه؟
لأن الإنفاق يعبر عن صدق الإيمان، ولذلك سميت الصدقة بهذا الإسم لأنها تعبر عن صدق الإيمان ونجد في القرآن كلما ذكرت الزكاة إلا وكتبت بالواو هكذا (الزكـ'وة) تعظيما للزكاة، لأنها لا يتسرب إليها النفاق، فالمنافق يصلي وقد تجده في الصفوف الأولى ولكنه لا يزكي لأنه ما نافق إلا لأنه تظاهر بالإسلام طمعا فيما يفاء عليه من خير، فكيف ينفق المال وهم ما دخل في الإسلام إلا لأجل المال!
أما الصلاة فقد أتت في القرآن بالواو تعظيما (الصلـ'وة) وجاءت صلاة المنافقين غير معظمة بالواو، كذلك حينما يأمر الله المؤمنين في شخص رسوله أن يقول: إن صلاتي
ونسكي ... ) الصلاة هنا غير معظمة لأن الكلام صادر من العبد، والعبد يجب ألا يعجب بصلاته بل يجب عليه أن يتواضع بها وأنه لا يدري أقبلها الله أم ردها عليه.
يأمر الله المؤمنين بالإنفاق قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة، ويتبع الأمر بقوله: والكافرون هم الظالمون. ليدلنا أن الإنفاق في سبيل الله يعتبر شكرا لله
لأن الكفر هو عكس الشكر، وما هو وجه الشبه بين الكفر والظلم؟
الكفر هو إنكار وجحود نعمة مع اليقين الكامل أنها تستحق الشكر، فالذي كفر بالله ورسوله أيقن بوجود الله وأيقن أن محمدا رسول الله وأنه يهدي إلى سبيل الرشاد وكان عليه أن يشكر على ذلك بالإيمان إلا أنه لم يفعل.
أما الظلم فهو تعمد اتباع الباطل مع العلم بالحق، قال تعالى: ولإن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذن لمن الظالمين) إذن هذا هو الظلم،الظالم هو الذي يعلم يقينا الحق ويتبع الباطل، ولا يتبع الباطل إلا لأنه يوافق هواه، الظالم هو الذي فضل الضلال من بعد ما تبين له الهدى واستيقنه، إذن كلمة الظلم مشتقة من الظلام، لأن الظالم اختار البقاء في الظلام من بعد ما تبين له النور. السارق ظالم لأنه يعلم أن السرقة عمل غير صالح بدليل أنه لا يحب أن يسرقه أحد، وهكذا كل سوء يرتكبه الإنسان ولا يحب أن يرتكبه في حقه إنسان آخر فهو ظلم.
إذن فالكافر هو الظالم.
لماذا جاءت آية الكرسي بعد أمر الله للمؤمنين بالإنفاق؟
الله سبحانه إذا أمر عباده بشيء فإنه يعالج كل الخواطر التي تحول بين العبد وتنفيذ أمر ربه.
فإذا أمر الله بالإنفاق فإنه يذكر مع الأمر التطمين أو يذكر بشيء يشجعه على الإنفاق.
مثلا: الوالد يهب ابنه المال لينفقه على شراء كل لوازم الدراسة، وكتطمين للإبن يقول له أبوه: أنفق ما أعطيتك من مال في كل ما يفيدك في دراستك وإن احتجت المزيد أنا موجود.
وإذا رأى الوالد أن ابنه لم ينفذ الأمر كما ينبغي فإن الوالد يقول لابنه: لماذا لم تنفق كما أمرتك، فالمال الذي أمرتك بإنفاقه هو مالي فلماذا لم تفعل ما أمرتك به؟
كذلك الحق سبحانه أتى بنفس التعبير للأمر بالإنفاق مرتين في القرآن: هنا في سورة البقرة وأتى بآية الكرسي بعدها للتطمين، وفي سورة إبراهيم جاء مع الأمر
التذكير بتسخير مافي السموات والأرض وتسخير الأنهار إلى آخره بعد أمره تعالى: قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلـ'وة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال).
¥