تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لذلك كله لم تتغير صورة الترتيب بين اسم العزيز واسم (الغفور) فأينما اجتمعا تقدم اسمه (العزيز) بل إن اسم (العزيز) لم يجتمع مع اسم آخر من أسماء الله الحسنى إلا تقدم عليه حيث قيل:

(العزيز الحميد) (العزيز الرحيم) (العزيز الحكيم).

إلا مع اسماً واحد وهو (القوي) ففي جميع السياقات تقدم اسمه (القوي) لأن القوة لا تفيد بعد العزة شيئاً، فالعزة متضمنة لها لكن العزة تعطى للقوة إحاطةً وشمولاً وتفرداً.

رابعاً:اعتناق العفو والغفور

ورد اسمه (الغفور) مرتبطاً باسمه العفو في أربع آيات في القرآن الكريم وهي:

[النساء 99، 43 – الحج 60 – المجادلة 2]

ومادة هذا الاسم هي [العين والفاء والحرف المعتل، ويدل الاسم على معنيين أصليين، أحدهما: ترك الشيء، والآخر: طلبه

فالأول: العفو: ومنه: عفو الله تعالى عن خلقه، وذلك تركه إياهم فلا يعاقبهم فضلاً منه.

قال الخليل وكل من استحق عقوبة فتركته فقد عفوت عنه .....

وقد يكون أن يعفو الإنسان عن الشيء بمعنى الترك]

وقيل: هو [ما جاء بغير تكلف ولا كره]

[وأصل العفو: المحو والطمس .. وفي حديث أبي بكر: سلوا الله العفو والعافية والمعافاة.

فأما العفو فهو محو الله تعالى ذنوب عبده عنه.

وأما العافية: فهو أن يعافيه الله تعالى من سقم أو بلية وهي الصحة ضد المرض.

يقال: عافاه الله وأعفاه أي: وهب له العافية من العلل والبلايا.

وأما المعافاة: فأن يعافيك الله من الناس. ويعافيهم منك. أي يغنيك عنهم: ويغنيهم عنك، ويصرف أذاك عنهم، وأذاهم عنك]

واستعراض الآيات التي ورد فيها الجمع بين الاسمين يلحظ أنها في شأن الرُخص التي توهب للمستضعفين أو أصحاب الأعذار وذلك مثل.

الرخصة للذين لا يقدرون قدرة الأشداء على التكاليف.

والرخصة في شأن التيمم بدلاً من الوضوء عند فقده.

والرخصة في رد العدوان بالمثل لمن حدث عليه اعتداء.

ثم الرخصة في الذنب الذي فُعل قبل نزول الحكم.

ففي شأن المستضعفين قيل (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ ... فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُورا ً) (النساء: 97:99)

وفي شأن الرخصة في التيمم قيل:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ... فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طيباً .... ) (النساء:43)

وفي الرخصة بالرد بالمثل قيل (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (الحج:60)

ثم الرخصة فيما مضى من ظهار قبل نزول الحكم وذلك في قوله تعالى:

(الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا الْلائِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (المجادلة:2)

فالآيات كلها في شأن المسلمين الذين عرضت لهم أمور أخرجتهم من دائرة العقاب، ومن ميدان الحساب وحتى من ساحة العتاب، لذلك كان العفو مع المغفرة.


أما تقديم (العفوّ) على (الغفور) دائما، فلأن (العفو) أعم من المغفرة يقول الزركشي [إن العام أشرف من الخاص، ولذلك قدم (العفوّ على الغفور)، أي أنه (عفو) عما لم يؤاخذنا مما نستحقه بذنوبنا، (غفور) لما يؤاخذنا به في الدنيا قبلنا ورجعنا إليه؛ فتقدم (العفو) على (الغفور) لأنه أعم وأخرت المغفرة لأنها أخص.]
كما أن في العفو تعجيل بالمسرة،في شأن هذه الأصناف، وهم في أمس الحاجة لهذا التعجيل
ولم يرد اسمه (العفو) في القرآن الكريم متعانقاً مع اسم آخر إلا مع اسمين أحدهما (الغفور) والآخر (القدير) في سورة النساء أيضاً وهو قوله سبحانه وتعالى (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) (النساء:149)
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير