الأول: هو المقصود من الآية يتوقف فهم المراد منها على علمه فلابد من البحث عنه للمفسر، وهذا منه تفسير مبهمات القرآن مثل قوله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها)، ونحو (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا) ومثل بعض الآيات التي فيها (ومن الناس).
والثاني: هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام وصور تلك الحوادث لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها، مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان، ومثل حديث كعب بن عجرة الذي نزلت عنه آية (ومن كان مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام) الآية فقد قال كعب بن عجرة: هي لي خاصة ولكم عامة، ومثل قول أم سلمة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: يغزو الرجال ولا نغزو، فنزل قوله تعالى: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) الآية. وهذا القسم لا يفيد البحث فيه إلا زيادة تفهم في معنى الآية وتمثيلا لحكمها، ولا يخشى توهم تخصيص الحكم بتلك الحادثة، إذ قد اتفق العلماء أو كادوا على أن سبب النزول في مثل هذا لا يخصص، واتفقوا على أن أصل التشريع أن لا يكون خاصا.
والثالث: هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها، فكثيرا ما تجد المفسرين وغيرهم يقولون نزلت في كذا وكذا، وهم يريدون أن من الأحوال التي تشير إليها تلك الآية تلك الحالة الخاصة فكأنهم يريدون التمثيل. ففي كتاب الأيمان من صحيح البخاري في باب قول الله تعالى (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان فأنزل الله تصديق ذلك (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) الآية فدخل الأشعث بن قيس فقال ما حدثكم أبو عبد الرحمان? فقالوا كذا وكذا، قال في أنزلت، لي بئر في أرض بن عم لي الخ، فابن مسعود جعل الآية عامة لأنه جعلها تصديقا لحديث عام? والأشعث بن قيس ظنها خاصة به إذ قال في أنزلت بصيغة الحصر. ومثل الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة المفتتحة بقوله تعالى: (ومنهم) (ومنهم)، ولذلك قال ابن عباس: كنا نسمي سورة التوبة سورة الفاضحة. ومثل قوله تعالى (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم) فلا حاجة لبيان أنها نزلت لما أظهر بعض اليهود مودة المؤمنين.
وهذا القسم قد أكثر من ذكره أهل القصص وبعض المفسرين ولا فائدة في ذكره، على أن ذكره قد يوهم القاصرين قصر الآية على تلك الحادثة لعدم ظهور العموم من ألفاظ تلك الآيات. .... إلخ كلامه.
تنبيه النصوص التي أنقلها هنا تعبر عن رأي قائليها، ولا يدل إيرادي لها أن أتفق مع كل ما فيها.
والغرض من جمع هذه الأقوال هو بيان أن هناك مسائل ذكر العلماء أنه لا فائدة فيها، وقد تختلف وجهات النظر حول كثير من هذه المسائل.
فالمقصود: مجرد المثال.
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[05 Feb 2004, 03:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عيدٌ مبارك على الجميع،
كما أحب أن أؤكد على ما ذكره الأخ الكريم " عاشق الفهم "، لكون بعض ما يذكره المفسرون قد يساعد على تشكيل الصورة و تهيئة تفسير الآية على الوجه الصحيح، كما لا يستهان بالدلالات الثانوية في تفسير الآية.
و مما ذَكره ابن كثير و نصَّ على أن لا طائل تحته و لا حاصل له، ما ورد في تعيين و ذكر أخبار نملة سليمان حيث يقول رحمه الله:
تفسير ابن كثير ج: 3 ص: 360
أورد ابن عساكر من طريق اسحق بن بشر عن سعيد عن قتادة عن الحسن أن اسم هذه النملة حرس، و انها من قبيلة يقال لها بنو الشيصان، وأنها كانت عرجاء، وكانت بقدر الذيب.
و قد خافت على النمل أن تحطمها الخيول بحوافرها فأمرتهم بالدخول إلى مساكنهم ففهم ذلك سليمان عليه السلام منها فتبسم ضاحكا من قولها ....
ومن قال من المفسرين أن هذا الوادي كان بأرض الشام أو بغيره وأن هذه النملة كانت ذات جناحين كالذباب أو غير ذلك من الأقاويل فلا حاصل لها.
وعن نوف البكالي أنه قال كان نمل سليمان أمثال الذئاب هكذا رأيته مضبوطا بالياء المثناة من تحت وانما هو بالباء الموحدة وذلك تصحيف والله أعلم والغرض أن سليمان عليه السلام فهم قولها وتبسم ضاحكا من ذلك وهذا أمر عظيم جدا وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمد بن بشار حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا مسعر عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي قال خرج سليمان بن داود عليهما السلام يستسقي فاذا هو بنملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء وهى تقول اللهم أنا خلق من خلقك ولا غنى بنا عن سقياك والا تسقنا تهلكنا فقال سليمان ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.
و فق الله الجميع لما يحب و يرضى
¥