فوالله ما كنا بأحرص على الأوقات منهم، ولا أضن بالعمر منهم، فترى الأئمة يشتغلون بزغل العلوم، وتوافه الأفكار، وهم عمار الليل والنهار!!
على رسلكم رحمكم الله،
ارجع البصر كرتين، وردد النظر مرات، وأحسن بإولئك الظن،
فعبارة: هذا لا يضر الجهل به، كلمة يتقحم بحرها فحل مستقرئ لفروع العلوم، عالم بصروف الفنون، يقذف بهذه الكلمة الماحقة بعد أن يعلم يقينا أنه لا ينتفع بها في أي فن، ولا يحتاج إليها في أي زمن، ومن تراه يقول أنا لها،
وأسوق لك مثالا: فكم عاب متسرع قول الفقهاء، لو أن رجلا قال لامرأة إن طرت فأنت طالق لم تطلق، حتى صارت نكتة تلاك بألسن الجاهلين، وطرفة يرددها من لا يعرف أحكام الخارج من السبيلين،
وحين تقرأ العبارة في كتب الفقهاء تجد أنهم ساقوها لبيان رأس كبير من رؤوس مسائل الطلاق وهو تعليق الطلاق على المستحيل، فكان العائب أحق بالتوبيخ والتجهيل،
وما ضرك لو مررت على عبارة لم تنتفع بها، أن تدعها لغيرك،
فقل للعيون الرمد للشمس أعين
سواك تراها في مغيب ومطلع
وإني أعرف في مختصرات الفقه خاصة من بديع الجمل وتسلسلها ووضع كل كلمة في سياقها، وكنوز العلم التي تخرج منها ما يحار معه العقل، ويعظم به الإجلال والإعظام لإولئك السلف الصالح رحمهم الله برحمته الواسعة،
أقول ذلك ناصحا
ووفق الله الشيخ محمد المختار الشنقيطي حين نبه إلى أن أولئك المصنفين حين ألفوا كتبهم ألفوها في زمن مكتظ بالعلماء مزدحم بالأفذاذ من مصاقع الفضل النجباء، فكان يحسب لذلك ألف حساب ولا يضع كلمة في كتابه إلا وقد استفرغ وسعه نصحا للأمة، ثم ينصح – متع الله بحياته- أن يقرأ طالب العلم كتاب العالم وهو يجله ويجيل النظر ويعيده ولا يحكم بادي الرأي، فإذا فعل ذلك تغيرت أمور، وانكشفت عجائب،
وإني أنصح بإغلاق هذا الموضوع، فإن أبيتم فلا أقل من مراعاة أمور:
أولها: وضع ضوابط لما يصح أن يقال عنه غير نافع، وقد تكلم العلماء في ذلك ومن نفيسه قول الشاطبي: العلم النافع هو الذي يترتب عليه العمل (عمل القلب، أو عمل الجوارح)،وما لا فليس بنافع. ويمكن إطالة النفس في هذا قبل فتح المجال للبحث
ثانيها: أن يقتصر التمثيل على نقول للعلماء، فينقل طالب العلم كلام المجتهدين بأن هذا مما لا فائدة فيه، أو قليل الفائدة، أو لايضر جهله،
ثالثها: التكرار بلا ملال بالوصية بحفظ حقوق العلماء، فمن حفظ حق السابقين أبقى الله له الذكر الحسن في الآخرين، ومن تسلط عليهم من المتهورين قيض الله له من يهينه بين العالمين،
وسامحوني إن كان في قلمي ذربا،
فقد قلت نصرة للعلماء وغضبا
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2004, 11:46 م]ـ
جزى الله خيراً أخي الكريم أبا مجاهد على ما تفضل به ولا يزال من نفائس الفوائد، وشوارد الفرائد.
وجزاك الله خيراً على غيرتك أخي الكريم أبا محمد (عبدالله بلقاسم) على أعراض العلماء، وما قلت إلا الحق وفقك الله، وما أظنه خطر ببال أخي أبي مجاهد النيل منهم رحمهم الله، وإنما نظر إلى الأمر من الناحية التخصصية فيما أقدر، فرأى كثيراً من المعلومات في كتب التفسير بعيدة عن صلبه، خارجة عن سياق التفسير فيما يرى الناظر أول وهلة، فأراد أن ينفعنا بذلك. وما كلامك هذا إلا من ذلك النفع إن شاء الله. فإنه ربما خفي حق العالم بين الناس، حتى يعرض من كلام الناس ما يشم منه رائحة تنقص له، فيقيض الله لأولئك العلماء من ينوه بذكرهم، ويجلوه للناس حتى يكون أبين وأوضح ما يكون.
شكر الله لكم جميعاً، وأحببت التعليق فقط بهذه الكلمات، حتى لا يظن بنا أننا نتنقص علماءنا معاذ الله. ولم يخطر ببالي أنا شخصياً هذا الخاطر إلا عند قراءتي لكلامك أخي أبا محمد، فجزاكم الله خيراً جميعاً. ولعل أبا مجاهد يعلق وفقه الله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Feb 2004, 02:42 م]ـ
بسم الله
لقد رددت على وجهة نظر أخي عبدالله بلقاسم من عشرة وجوه، ثم لما أردت إضافتها مُسحت، فكسلت عن إعادتها مرة أخرى، وقلت في نفسي: لعلي كتبتها مع شيء من حب الانتصار للرأي فعوقبت بضياعها.
¥