ولكن مفادها: عدم قناعتي بما ذكر، واستغرابي لتعليقه هذا. وآخر كلامه يرد على أوله؛ لأن شرطي في هذا الموضوع هو ما قرره في آخر تعليقه.
ولا أدعي أني أنا المحق، وهو المخطئ؛ ولكن قناعتي أنه لو قرأ رسالة ابن رجب رحمه الله في فضل علم السلف، وفكر فيما كتب ملياً لغير رأيه، وشارك في هذا الموضوع بذكر مسائل لا تنفع، ولا يضر الجهل بها.
والله المستعان.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2004, 01:19 ص]ـ
ومما نبه المفسرون إلى كونه مما لا طائل تحته في بيان معاني كلام الله ما ذكره الطاهر ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير بقوله في تفسير قول الله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) (الزمر:73):
( ... والواو في جملة {وفتحت أبوابها} واو الحال، أي حين جاءوها وقد فتحت أبوابها فوجدوا الأبواب مفتوحة على ما هو الشأن في اقتبال أهل الكرامة. وقد وهِم في هذه الواو بعض النحاة مثل ابن خالويه والحريري وتبعهما الثعلبي في «تفسيره» فزعموا أنها واو تدخل على ما هو ثامن إمّا لأن فيه مادة ثمانية كقوله: {ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم} (الكهف: 22)، فقالوا في {وفُتحَت أبوابها} جيء بالواو لأن أبْواب الجنة ثمانية، وإما لأنه ثامن في التعداد نحو قوله تعالى: {التائبون العابدون} إلى قوله: {والناهون عن المنكر} (التوبة: 112) فإنه الوصف الثامن في التعداد ووقوع هذه الواوات مُصادفة غريبة، وتنبُّه أولئك إلى تلك المصادفة تنبه لطيف ولكنه لا طائل تحته في معاني القرآن بَلْهَ بلاغتِه، وقد زينه ابن هشام في «مغني اللبيب»، وتقدم الكلام عليها عند قوله تعالى: {التائبون العابدون} في سورة التوبة (112) وعند قوله: {ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم} في سورة الكهف (22)) انتهى.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[29 Mar 2004, 07:40 م]ـ
مما نبه له العلماء أنه ليس من متين العلم القول بالرأي فيما لا مجال للرأي فيه والاستدلال على ذلك بنصوص الوحيين الكتاب والسنة أو الربط بين المعلومات بدلالة ضعيفة أو غير صحيحة ولو كان الدليل والمدلول صحيحاً في نفسه لعدم صحة الارتباط، وكذلك الاستدلال بما لا يصح الاستدلال به من الأدلة كالأحاديث الضعيفة والموضوعة وكذلك طرق الاستدلال الباطلة.
ومن ذلك:
قول ابن عطية في تفسير البسملة: " والبسملة تسعة عشر حرفا فقال بعض الناس إن رواية بلغتهم أن ملائكة النار الذين قال الله فيهم (عليها تسعة عشر) [المدثر: 30] إنما ترتب عددهم على حروف بسم الله الرحمن الرحيم لكل حرف ملك وهم يقولون في كل أفعالهم بسم الله الرحمن الرحيم فمن هنالك هي قوتهم وباسم الله استضلعوا.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه وهذه من ملح التفسير وليست من متين العلم وهي نظير قولهم في ليلة القدر إنها ليلة سبع وعشرين مراعاة للفظة هي في كلمات سورة إنا أنزلناه
ونظير قولهم في عدد الملائكة الذين ابتدروا قول القائل ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فإنها بضعة وثلاثون حرفا قالوا فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول ".
وقال الثعالبي في تفسيرها: " والبسملة تسعة عشر حرفا قال بعض الناس إن رواية بلغتهم أن ملائكة النار الذين قال الله فيهم عليها تسعة عشر إنما ترتب عددهم على حروف بسم الله الرحمن الرحيم لكل حرف ملك وهم يقولون في كل أفعالهم بسم الله الرحمن الرحيم فمن هنالك هي قوتهم وباسم الله استضلعوا قال ع وهذا من ملح التفسير وليس من متين العلم ت ولا يخفي عليك لين ما بلغ هؤلاء ولقد أغنى الله تعالى بصحيح الأحاديث وحسنها عن موضوعات الوراقين فجزى الله نقاد الأمة عنا خيرا ".
ولذا فالقول في مثل ذلك بلا دليل صحيح ليس من منهج العلماء رحمهم الله تعالى.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Mar 2005, 11:40 م]ـ
ومما يدخل تحت هذا الباب: البحث في أحكام قد انقضت، ولا مجال لوقوعها. ومن أمثلة ذلك ما أورده الطاهر ابن عاشور عند تفسيره لآية التخيير في سورة الأحزاب، وهي قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)}
قال رحمه الله: (ولا طائل تحت الاشتغال بأن هذا التخيير هل كان واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم أو مندوباً، فإنه أمر قد انقضى ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يخالف أمر الله تعالى بالوجوب أو الندب.)
¥