12. لعل من أجلى صور الاتفاق بين الأنبياء: حمل هم الدعوة إلى الله، والعمل الدؤوب وتكبد المشقات في سبيل هذه الوظيفة السامية: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً) (فصلت: من الآية33).
وتكاد تكون قصص الأنبياء جميعا ومحاوراتهم شاهدة لهذا الأمر، وتأمل معي – مثلا – قوله تعالى عن نوح عليه الصلاة والسلام: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً) (العنكبوت: من الآية14))، وقوله: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً ... ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً، ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً).
13. ومن مواضع الاتفاق بين الأنبياء والمصلحين: وجود الأعداء والمجرمين من الجن والإنس الذين يكيدون ويصدون عن دعوتهم، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) (الأنعام: من الآية112)، وقال سبحانه: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً) (الفرقان:31)
وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) (الحج: من الآية52)
14. تأييد الله لهم، والوقوف معهم على أقوامهم المكذبين المعاندين.
قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) (لأعراف:94)
وقال: (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) (يونس:103)
وقال جل وعلا: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً، سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً) (الاسراء:76 - 77)
وقال سبحانه: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر:51)
وجزاك الله خيرا أخي عمر، ورزقنا وإياك الفهم في كتابه .. آمين
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 Dec 2003, 11:32 م]ـ
ومن المواضع التي اتفقوا فيها:
15 ـ أن أشرف ما يوصفون به، هو كونهم عبيداً لله تعالى، كما في قوله تعالى: (واذكر عبادنا إبراهيم ... الآية).
وقال عن نوح عليه الصلاة والسلام: (إنه كان عبداً شكوراً).
وقال عن عيسى عليه الصلاة والسلام: (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ... )، (لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون ... ).
وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد وصفه ربه بهذا الوصف العظيم في أربعة مواضع مشهورة:
أ ـ عند التنزيل (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ... ).
ب ـ وفي مقام التحدي: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ... ).
ج ـ وفي مقام الدعوة: (وأنه لما قام عبدالله يدعوه ... ).
د ـ وفي مقام الإسراء: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ... ).
16 ـ أمرهم أقوامهم بالتقوى، فكل نبي يأمر أمته بذلك (فاتقوا الله وأطيعون).
17 ـ وهو موضع ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته القيمة (العبودية): أنهم اتفقوا على البداء في دعوتهم بالعبادة (اعبدوا الله مالكم من إله غيره)،وهذا يمكن أن يلتقي مع الأمر بالتوحيد، إذ كل أمر بالعبادة في مثل هذه المقامات، فالمقصود به الأمر بالتوحيد،كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.
يتبع، حسب ما يفتح الله به.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[15 Dec 2003, 11:17 م]ـ
ومن المواضع التي اتفقوا عليها:
18 ـ أن الله تعالى وصفهم بأنهم شاكرون، كما قال تعالى عن نوح: (إنه كان عبداً شكوراً).
وقال عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم).
يتبع بإذن الله تعالى.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Dec 2003, 01:31 ص]ـ
أخي الشيخ عمر
جهد موفق، ومعلومات طيبة.
وفي آخر ما ذكرته من المواضع إشكال؛ لأنه لم يوصف بهذا الوصف إلا نوح وإبراهيم عليهما السلام.
وقد مر بي حول الشكر في القرآن أنه لعظم منزلته، وقلة من يحققه لم يوصف به إلا هذان النبيان الكريمان.
فما تعليقكم.
ولو جعلت مكان الشكر: الصلاح، لكان أقرب. (كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (الأنعام: من الآية85)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[17 Dec 2003, 12:21 ص]ـ
أخي الفاضل: أبا مجاهد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فليس شرط البحث أن نجد الاتفاق بين كل الأنبياء ـ وإن كان هذا هو الأفضل والأحسن والأكمل ـ بل يكفي أن يتفق نبيان فأكثر ـ كما في المثال الذي استشكلتموه ـ.
وفيما يتعلق بالشكر بالذات، فقد وجدت ـ بعد التأمل ـ ما يصلح أن يكون دليلاً على اتفاقهم في هذا الأمر (الشكر) ألا وهو قوله تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً) وقد فسر العمل الصالح بالشكر،وهو قوله تعالى: (اعملوا آل داود شكراً).
أشكر لكم مروركم ومداخلتكم، وآمل أن تضيفوا ما يناسب موضوع البحث.
¥