تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما أخي ابن الشجري فلا يفتأ يذكرني بكبار المنشئين في أدبنا العربي، وما أقرب ذلك الأدب إلى قلبي، وقلب كل محب لأمته، من أمثال أبي حيان التوحيدي والجاحظ وأضرابهما من كبار أهل العلم والأدب، في أسلوبه الأدبي الرائق، وتخيره للمفردات المعبرة عن الغرض بأيسر طريق، ولعمري إن هذا نتيجة مسامرة الأوائل في إبداعاتهم ورسائلهم، وطول مثاقفة تلك الطبقة العالية من أهل العربية رحمهم الله كفاء ما بذلوا وقدموا، والحرص على القراءة لتلك الطبقة، والاكتفاء من كلام المتأخرين بالوشل، فإن إدمان قراءة كتب المتأخرين تصيب اللسان بالعجمة والحُبْسة. وقد انتفعتُ بما عقبت به كثيراً أحسن الله إليك، ونفعنا جميعاً بالعلم.

وما أشرتم إليه في ذيل تعقيبكم من أهمية بحث بعض الموضوعات فكما تفضل أخي الكريم محمد بن يوسف وفقه الله، وأحب أن أضيف إشارةً إلى الموضوع الثاني وهو:

مالمراد بالتغني بالقرآن الوارد في الحديث؟

وذلكم أن الدكتور بشار عواد معروف البغدادي - حفظه الله - قد بحث هذه المسألة التي أشرتم إليها بحثاً في غاية النفاسة كعادته، في بحث بعنوان: (البيان في حكم التغني بالقرآن). وهو دراسة في ضرورة تحسين الصوت والتطريب بالقراءة. وقد درس كل الأحاديث التي وردت في ذلك، وأسانيدها، وهو بصير برجال الأحاديث كما تعلم، وخَلَصَ من كل ذلك إلى تضعيف تفسير سفيان بن عيينة رحمه الله بأن المقصود بذلك الاستغناء بالقرآن، ورجح أن المقصود هو التطريب بالصوت وتحسينه. وقال في آخر بحثه:

القول الفصل

بعد كل هذا الذي قدمنا نرى من المفيد أن نقتبس خلاصة رأي واحد من أعاظم المحدثين الفقهاء، ممن تشبعوا بالهدي النبوي وعرفوه حق معرفته، في هذه المسألة هو حافظ عصره ابن حجر العسقلاني، وهو خلاصة هذا البحث، وهو الذي نعتقده ونؤمن به لما تحصل عندنا من الأدلة.

قال الحافظ ابن حجر: (والذي يتحصل من الأدلة أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن حسناً فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد صحيح.

ومن جملة تحسينه أن يراعي فيه قوانين النغم، فإن الحسن الصوت يزداد حسناً بذلك، وإن خرج عنها أَثَّرَ ذلك في حسنه.

وغير الحسن ربما انجبر بمراعاتها ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها لم يف حسن الصوت بقبح الأداء. ولعل هذا مستند من كره القراءة بالأنغام لأن الغالب على من راعى الأنغام أن لا يراعي الأداء، فإن وجد من يراعيهما معاً فلا شك في أنه أرجح من غيره؛ لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين الصوت، ويجتنب الممنوع من حرمة الأداء).فتح الباري 9/ 89

ثم ختم بحثه بإيراد كلام الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله في حكم التغني بالقرآن الذي كتبه في كتابه النفيس (المعجزة الكبرى) والذي ذهب فيه إلى إنكار جواز التغني بالقرآن ورد فيه الأحاديث الصحيحة لرأي ذهب إليه رحمه الله لما رأى من خروج القراء في عصره عن حدود التغني الجائز، وقد ناقشه الدكتور بشار بكل أدب وعلم على عادة أهل العلم الجارية في الأدب والعلم. وهو جدير بالقراءة، فاقرأه إن شئت في كتاب: (الإعجاز القرآني – بحوث المؤتمر الأول للإعجاز القرآني المعقود بمدينة السلام – حرسها الله – عام 1410 هـ في شهر رمضان. من ص 65 – 118

ولعل الله ييسر لنا في قابل الأيام نقل البحث بكامله في صفحات الملتقى ليطلع عليه الجميع.

وأما ما أشار إليه أخي الكريم خالد الباتلي فكما ذكر حفظه الله، من أسباب فقدان ذلك الشعور الذي سقنا المقالة تنبيهاً عليه والله المستعان.

وأما أخي الكريم الشيخ أبو أحمد فأشكره على حسن نيته، ومحبته للخير لنا جميعاً، وهو حريص على أن تخلو تعبيراتنا من كل ما يمكن أن يؤاخذ عليه، وإن كان مجال القول فيها واسعاً فيما أحسب، وحسبك قول الله تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً). الآ يظهر منها إظهار العجز عن الإتيان بمثله؟ سؤال فحسب، وأنا أتفق معك أن لفظ المعجزة وما تصرف منها لم يرد في القرآن ولا في السنة، وكلام ابن تيمية يدور حول هذه المسألة، ولكن ابن تيمية لا يمنع استعماله رحمه الله. وعلى كل حال فهذا باب آخر من القول غير ما نحن فيه فلك مني كل الحب والتقدير.

ـ[داود عيسى]ــــــــ[30 Jan 2004, 02:30 ص]ـ

أشكرك يا أبو أحمد على هذا التوضيح

والله أنا أستغرب من علمائنا ألله يقول لنا اية ويقول لنا بينة ويقول لنا برهان ويقول لنا سلطان

وعلماؤنا يأتونا بكلمة لم يذكرها الله في كتابه الكريم ويقولون لنا المعجزة .....

سؤال وأرجوا الإجابة

من أين أتى العلماء بهذه الكلمة "المعجزة"؟؟؟

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Jan 2004, 02:20 م]ـ

بسم الله

استعمال لفظ المعجزة والإعجاز استعمال اصطلاحي لا مشاحة فيه، وأكثرالذين درسوا الإعجاز أو كتبوا حوله نبهوا على هذه القضية، فلا ينبغي أن تعطى أكبر من حجمها.

ومعلوم أن المقصود من كون القرآن معجزاً: أي لا يأتي أحد بمثله.

وليس معناه أنه معجز بحيث يعجز الناس عن تلاوته أو فهمه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير