ـ[الخطيب]ــــــــ[29 May 2009, 11:25 ص]ـ
ومن المصطلحات الجارية على ألسنة بعض المفسرين كذلك قولهم "عادة القرآن" وهاهو تفصيل معناه وأمثلته
عادة القرآن:
هو تكرر ورود لفظ أو تركيب أو أسلوب في القرآن ليدل غالبا على معنى معين.
وقولنا "غالبا" يشير إلى أن مخالفة العادة مرة أو مرتين لا يقدح فيها لكن هذه المخالفة لا تعتبر إلا إذا دل عليها دليل أو كانت من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى دليل.
فمثال الواضح الذي لايحتاج إلى دليل أن لفظ "العباد" في قوله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون} (سورة يس: 30} لا يمكن أن يراد به المؤمنون لأن الآية نصت على استهزائهم بالرسل وهذه صفة الكفار كما أن المقام هنا مقام تهديد وقد نص على ذلك ما تلاها وهو قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ 31 وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ 32} مع أن المفسرين قد نصوا على أن عادة القرآن جارية بتخصيص لفظ العباد بالمؤمنين.
ومما يحتاج إلى دليل العدول باللفظ عن حقيقته الشرعية إلى غيرها فورود اللفظ في القرآن مرادا به حقيقته الشرعية عادة قرآنية، وتفسيره بخلافها يحتاج إلى دليل كما في قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} (التوبة: 103) فالمراد بالصلاة هنا معناها اللغوي وهو الدعاء، وليس الشرعي لحديث عبد الله بن أبى أوفى في الصحيحين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قال " اللهم صل على آل فلان " فأتاه أبى بصدقته فقال " اللهم صلّ على آل أبى أوفى"
ومن المواضع التي نص فيها المفسرون على عادات القرآن ما نص عليه الآلوسي عند تفسيره لقوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} فقد قال: {والشمس والقمر} عطف على ما قبل.
وتقديم الشمس على القمر لما جرت عليه عادة القرآن إذا جمع الشمس والقمر، وكان ذلك إما لكونها أعظم جرماً وأسطع نوراً وأكثر نفعاً من القمر وإما لكونها أعلى مكاناً منه وكون فلكها أبسط من فلكه على ما زعمه أهل الهيئة وكثير من غيرهم، وإما لأنها مفيضة النور عليه كما ادعاه غير واحد، واستأنس له بقوله سبحانه: {هُوَ الذى جَعَلَ الشمس ضِيَاء والقمر نُوراً} [يونس: 5]
ومنها ما نص عليه الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير في عادة القرآن في الإجمال عند تفسيره لقوله تعالى {وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهمن} قال: والكلمات الكلام الذي أوحَى الله به إلى إبراهيم إذ الكلمة لفظ يدل على معنى والمراد بها هنا الجمل كما في قوله تعالى: {كَلاَّ إنها كلمةٌ هو قائِلُها} [المؤمنون: 100]، وأَجْمَلَها هنا إذ ليس الغرض تفصيل شريعة إبراهيم ولا بسط القصة والحكاية وإنما الغرض بيان فضل إبراهيم ببيان ظهور عزمه وامتثاله لِتكاليف فأتَى بها كاملة فجوزي بعظيم الجزاء، وهذه عادة القرآن في إجمال ما ليس بمحل الحاجة.
ومما خالف فيه القرآن الكريم عادته المثال الذي ذكرناه آنفا في معنى "العباد"
ومنه كما يقول الشيخ سيد سابق في كتابه "فقه السنة" أن القرآن أولى عناية خاصة بملابس المرأة، حيث كان حديثه عنها مفصلا، على غير عادته في تناوله المسائل الجزئية بالتفصيل، فهو يقول: " يأيها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ".
* ويقال لعادات القرآن أيضا عرف القرآن، معهود القرآن، كليات القرآن.
ولا يقدح في تسميتها بالكليات أن الاستثناء قد يدخلها لأن الأمر الكلي إذا ثبت كليا، فتخلف بعض الجزئيات عن مقتضى الكلي لا يخرجه عن كونه كليا كما يقول الشاطبي في الموافقات وأضاف أيضا أن الغالب الأكثري معتبر في الشريعة اعتبار العام القطعي؛ لأن المتخلفات الجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[29 May 2009, 01:42 م]ـ
جزى الله الشيخ المنصور خيرا على هذا المقترح.
ولعل من العبارات التي ترد عند المفسرين وتحتاج إلى توضيح عبارة: التعجيب، وهل يصح إضافتها إلى الله تعالى.
¥