تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[الخطيب]ــــــــ[10 Jun 2009, 01:01 ص]ـ

الحبيب أبا مجاهد

قرأت كلامك وأسعدتني متابعتك، ولقد كان رجائي وطمعي أن أراك في لقاء الأمس مع الثلة المباركة من مشرفي وكتاب الملتقى في اجتماع ملتقى أهل التفسير وقلت في نفسي – متوقعا حضورك- لعلي أن أراه

أخي الكريم، ما ذكرته محل اعتبار وهو لا يخرج من جهة التحليل عن جملة ما هو مذكور في كلامي وفي نقلي عن العلماء في تحرير المسألة

ولي عودة إن شاء الله أجيبك فيها عما ذكرت

ـ[الخطيب]ــــــــ[10 Jun 2009, 08:58 ص]ـ

الحبيب أبا مجاهد

أولا- يجب أن ينحى الكلام عن الترجي عن مسألة الأسماء والصفات فهذه مسألة القول فيها محسوم من جهة أن ما أثبته الله لنفسه منها فهو الثابت اللازم اعتقاده كما ثبت دون تأويل.

كما أنه من الثابت أيضا أن مسألة الأسماء والصفات مبناها التوقيف وليس الاستنباط أو التوليد من الكلام، وعليه فنسبة الترجي إليه تعالى هو منبثق عن معنى "لعل، عسى" وليس لسبب توقيفي فلم يرِد وصف ذاته سبحانه بأنه "مترجي" ولا وصف فعله بأنه "يترجى"

إذا علمنا هذا وعلمنا أن أداة الترجي "لعل" غير ممحضة لمعنى الترجي بل يمكن أن تأتي للتعليل فإن المسألة تزداد بعدا عن قضية الأسماء والصفات

وعليه فليس في محله – فيما أرى - قولكم بارك الله فيكم:

إن الترجي يكون من الله تعالى، ولا داعي لنفيه أو تأويله ....

ثم قولكم:

وعليه؛ فإن من أسباب وقوع الخطأ في تفسير كلام الله تعالى: المساواة بين صفاته تعالى وصفات المخلوقين، أو بين ما يُخبر به عنه سبحانه وبين ما يُخبر به عن غيره. وهذا من أكبر أسباب وقوع الخطأ في تفسير كلام الله تعالى، وخاصة في تفاسير المبتدعة لآيات الصفات. والقاعدة في هذا الباب:أن أسماء الله وصفاته وما يخبر به عنه تليق بكماله تعالى وعظمته وجلاله، وأسماء المخلوقين وصفاتهم وما يخبر به عنهم تليق بعجزهم وضعفهم، وتناسب حالهم.

إذا تقرر هذا فلنأت إلى طرح بقية كلامكم بارك الله فيكم لنتدارسه:

فمثلا قولكم:

ومن العبارات المحررة في ذلك ما قاله الدكتور محمد مصطفى على مصطفى في تفسيره لسورة الرعد ص51،حيث قال مفسراً لـ"لعل" التي تفيد الرجاء: (ترجية من الله واقعة لكماله،والترجية من غيره متوقعة لعجزه.) وهذا هو معنى قول من قال: لعل من الله واجب.

وقد ذكر الرازي في تفسيره [25/ 160 - 161] أن لعل في كلام الله تحمل على الترجي من المتكلم، وأنه لا يلزم من كونها للرجاء ما قد يتوهم من جهل المتكلم وعدم علمه.

أقول: هذا الكلام هو عين ما نقلناه عن صاحب البرهان، فتأمله.

وأما عن قول الرازي: أنه لا يلزم من كونها للرجاء ما قد يتوهم من جهل المتكلم وعدم علمه، فهو راجع إلى البحث الكلامي الذي يتسم به تفسير الرازي فهو دائما يدافع بكل قوة لإثبات العلم القديم ويرد ما عساه أن يوهم غير ذلك، حتى لا يدع فرصة لمعتقدي حدوث العلم فكلامه هنا مسألة كلامية بحتة وإلا فإنه في مواضع أخرى ذكر ما ذكره العلماء في هذا ويمكنك مراجعة كلامه عند تفسير قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (سورة البقرة:21) حيث قال:

المسألة الخامسة: في قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} بحثان: البحث الأول: أن كلمة لعل للترجي والإشفاق، تقول لعل زيداً يكرمني وقال تعالى: {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى} [طه: 44]، {لَعَلَّ الساعة قَرِيبٌ} [الشورى: 17] ألا ترى إلى قوله: {والذين ءامَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا} [الشورى: 18] والترجي والإشفاق لا يحصلان إلا عند الجهل بالعاقبة وذلك على الله تعالى محال، فلا بدّ فيه من التأويل وهو من وجوه:

أحدها: أن معنى «لعل» راجع إلى العباد لا إلى الله تعالى فقوله: {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى} أي اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما في إيمانه، ثم الله تعالى عالم بما يؤول إليه أمره. وثانيها: أن من عادة الملوك والعظماء أن يقتصروا في مواعيدهم التي يوطنون أنفسهم على إنجازها على أن يقولوا لعل وعسى ونحوهما من الكلمات، أو للظفر منهم بالرمزة، أو الابتسامة أو النظرة الحلوة فإذا عثر على شيء من ذلك لم يبق للطالب شك في الفوز بالمطلوب فعلى هذاالطريق ورد لفظ لعل في كلام الله تعالى. وثالثها: ما قيل أن لعل بمعنى كي، قال صاحب «الكشاف»: ولعل لا يكون بمعنى كي، ولكن كلمة لعل للأطماع، والكريم الرحيم إذا أطمع فعلى ما يطمع فيه لا محالة تجري أطماعه مجرى وعده المحتوم، فلهذا السبب قيل لعل في كلام الله تعالى بمعنى كي ....... إلخ

أما الترجي في ذاته فكلنا يدرك أن مبناه توقع الحصول وليس الجزم به ومن ثم كانت الإشكالية قائمة في نسبته إلى الله تعالى وكان تخلص العلماء من ذلك إما:

1 - بإبقاء معنى الترجي على ما هو عليه لكن بملحظ المخاطبين وليس المخاطِب وهو الاتجاه السائد عند العلماء وهو أقوى الوجوه إذا عليه يبقى معنى "الترجي" على حقيقته دون حاجة إلى العدول به إلى أي معنى آخر ومعلوم أن التفسير الذي يرتكز على الحقيقة مقدم على غيره لأنه الأصل.

2 - وإما بالعدول بالترجي عن معناه القائم إلى معنى يليق وجلال الله تعالى وهو ما عبروا عنه بالإيجاب أو الطلب أو نحو ذلك وهو في ذلك كله مجاز لا حقيقة

وثالثا- بالعدول عن معنى الترجي المفهوم من أداته "لعل" والركون إلى معنى آخر لها هو التعليل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير