تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

1 - بعد النظر في الأحاديث الواردة في تفسير الآية وجدت أنها كلها متفقة على تفسير «البعض» بطلوع الشمس من مغربها، ولم يأت ما يخالف ذلك إلا ما يظهر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولكن عند التأمل فإنه لا يظهر بينه وبين بقية الأحاديث تعارض، لإمكان حمله على بقية الأحاديث التي اقتصرت على تفسير الآية بطلوع الشمس من مغربها، وإن في اتفاق الأحاديث على تفسير «البعض» بالطلوع فقط، لدلالة واضحة على أنه هو المراد.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: «وقد تكاثرت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد بـ «بعض آيات الله» طلوع الشمس من مغربها». (33)

وقال الآلوسي: «روي هذا التعيين عنه صلى الله عليه وسلم في غير ما خبر صحيح». (34)

ولنورد بعضاً من هذه الأخبار الصحيحة:

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا؛ فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ». (35)

- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل:} أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ {قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا». (36)

- وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً: «أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: إِنَّ هَذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا ارْتَفِعِي، ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، وَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا ارْتَفِعِي ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي لَا يَسْتَنْكِرُ النَّاسَ مِنْهَا شَيْئًا، حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا ذَاكَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ لَهَا: ارْتَفِعِي أَصْبِحِي طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِكِ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ؟ ذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا». (37)

- وعن صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ قِبَلِ مَغْرِبِ الشَّمْسِ بَابًا مَفْتُوحًا عَرْضُهُ سَبْعُونَ سَنَةً، فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ الْبَابُ مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ؛ فَإِذَا طَلَعَتْ مِنْ نَحْوِهِ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا». (38)

2 - ومما يؤكد أن المراد بـ «البعض» هو طلوع الشمس فقط، اتفاق الصحابة على تفسير الآية بذلك، روي هذا التفسير عن: ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وابن مسعود، وصفوان بن عسال (39)، ولا يعرف لهم مخالف؛ إلا ما رُوي عن ابن مسعود - في إحدى الروايات عنه - بأنه فسرها بإحدى ثلاث: الطلوع، أو الدابة، أو يأجوج ومأجوج، وقد تقدم أن ذلك لا يصح عنه.

فهذه الأحاديث مع اتفاق الصحابة رضي الله عنهم تؤكد القول بأن المراد بالبعض هو طلوع الشمس من مغربها دون غيرها، ولو كانت الثلاث المذكورة في حديث أبي هريرة هي المراد بتفسير الآية، أو بعض المراد لذكرت في بقية الأحاديث، وفي هذا دلالة واضحة على أن أحد الثلاث غير مستبد بانقطاع التوبة بوجوده، بل لا بد من اجتماعها معاً، والله تعالى أعلم.

فإن قيل: هذا التأويل فيه إهمال لبقية الثلاث المذكورة في الحديث؛ لأنكم قصرتم تفسير الآية على واحدة من هذه الثلاث، ولم تعملوا البقية، والحديث صريح بأن المراد بالبعض هو الثلاث، لا واحدة منها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير