تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والجواب على هذا الإيراد سيأتي تبعاً عند ذكر فائدة مجيء الثلاث في الحديث، وسيأتي أن قصر تفسير الآية على واحدة من الثلاث لا يعني إهمال البقية، وإنما ذكرت لفائدة أخرى كما سيأتي تقريره.

ثانياً: الأدلة على أن التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها:

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». (40)

- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». (41)

- وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». (42)

فهذه الأحاديث متفقة على أن التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها، والقول بأن زمن الدجال لا ينفع فيه الإيمان ولا التوبة فيه مخالفة صريحة لهذه الأحاديث؛ لأن وقته قبل طلوع الشمس من مغربها، والله تعالى أعلم.

ثالثاً: الأدلة على أن طلوع الشمس من مغربها هو آخر الآيات الثلاث المذكورة في حديث أبي هريرة.

هناك عدة أدلة تؤيد القول بأن طلوع الشمس من مغربها هو آخر الثلاث المذكورة في الحديث، ومن هذه الأدلة:

1 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». (43) ومفهوم هذا الحديث أن من تاب بعد طلوعها من مغربها لم يقبل منه، والأصل بقاء الحديث على إطلاقه ولا يصح تقييد ذلك بوقت الطلوع، وإذا كانت التوبة بعد الطلوع مردودة امتنع أن يكون وقت الدجال بعدها؛ لأن عيسى عليه السلام بعد الدجال، وزمنه فيه خير كثير، والإيمان والتوبة مقبولان فيه، فلم يبق إلا أن يكون طلوعها بعد الدجال.

2 - وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا» (44)، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ». (45) وقد ثبت أن خروج يأجوج ومأجوج يكون بعد عيسى عليه السلام (46)، فهذان الحديثان يدلان على أن باب التوبة لم يغلق بعد في زمن عيسى، إذ لو كان قد أغلق لما كان للحج فائدة، وقد سبق أن وقت الدجال قبل زمن عيسى عليه السلام، وفي ذلك دلالة واضحة على أن طلوع الشمس يعقب الدجال.

3 - ومما يؤكد أن طلوع الشمس هو آخر الثلاث، أن الأحاديث متظافرة على أن التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها، ولو كانت هي الأولى في الخروج لما كان لذكر بقية الثلاث فائدة؛ لأن انقطاع التوبة قد وقع بطلوع الشمس قبل ذلك.

قال الشيخ حمود التويجري - بعد أن أورد حديث (ثلاث إذا خرجن) -: «وظاهر هذا الحديث يدل على أن التوبة لا تزال مقبولة حتى تخرج الثلاث كلها، وقد تواترت الأحاديث الدالة على أن التوبة لا تزال مقبولة ما لم تطلع الشمس من مغربها، فيستفاد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مع الأحاديث الواردة في قبول التوبة ما لم تطلع الشمس من مغربها أن خروج الدابة والدخان (47) متقدم على طلوع الشمس من مغربها، والله أعلم». (48)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير