تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ». (84)

2 - وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال فقال: « .... فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ (85) بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ (86) وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ (87) كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ .... ». (88)

خامساً: الأدلة على أن زمن عيسى - عليه السلام - فيه خير كثير، دنيوي وأخروي، والتوبة والإيمان مقبولان فيه:

هناك عدد من الأدلة التي تفيد بأن زمن عيسى عليه السلام التوبة والإيمان مقبولان فيه، سواء كانت التوبة والإيمان قبل نزوله، أو بعد ذلك.

وفيما يلي ذكر بعض هذه الأدلة:

الدليل الأول:

قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159].

حيث أخبر سبحانه في هذه الآية الكريمة أن جميع أهل الكتاب يؤمنون بعيسى عليه السلام بعد نزوله، ولا يتخلف أحد منهم عن التصديق والإيمان به (89)، فدل على قبول الإيمان في زمنه.

الإيرادات والاعتراضات على هذا الدليل:

الإيراد الأول: أن الاستدلال بقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159] غير مستقيم؛ لأن هناك خلاف بين المفسرين في مرجع الضمير في قوله {قَبْلَ مَوْتِهِ} فبعضهم قال: إن الضمير راجع إلى الكتابي، والمعنى أن الكتابي يؤمن عند الموت والمعاينة، بأن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله. (90) وقال آخرون: معنى الآية: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل موت الكتابي. (91)

والجواب:

أن الصواب في الآية رجوع الضمير إلى عيسى عليه السلام، لا الكتابي، وهذا هو مذهب الجمهور من المفسرين، روي عن أبي هريرة (92)، وابن عباس (93)، وبه قال أبو مالك (94)، والحسن البصري (95)، وقتادة (96)، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (97).

وهو اختيار: ابن جرير، وابن كثير، والشوكاني، والشنقيطي. (98)

ومما يرجح هذا الاختيار:

1 - أن الضمائر في الآيات التي قبلها كلها راجعة إلى عيسى عليه السلام، قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 157 - 158].

فقوله (وَمَا قَتَلُوهُ) (وَمَا صَلَبُوهُ) (وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (اخْتَلَفُوا فِيهِ) (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) (وَمَا قَتَلُوهُ) (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ) كل هذه الضمائر راجعة إلى عيسى عليه السلام، ولما عطف عليها قوله (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) وجب أن يكون الضمير عائداً إلى عيسى عليه السلام، حتى تنسجم الضمائر. (99)

2 - ومما يقوي عود الضمير إلى عيسى عليه السلام، أن الأصل في الضمير عوده على مفسر مذكور، وليس في الآية ذكر للكتابي، وإنما المذكور عيسى عليه السلام. (100)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير