تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مرأة، وهو الأصل. وأخ أصله أخو، يدل عليه أخوان؛ فحذف منه وغير على غير قياس. قال الفراء ضم أول أخت، لأن المحذوف منها واو، وكسر أول بنت؛ لأن المحذوف منها ياء. وهذا الحذف والتعليل على غير قياس أيضا.

قوله تعالى {فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث} هذا التشريك يقتضي التسوية بين الذكر والأنثى وإن كثروا. وإذا كانوا يأخذون بالأم فلا يفضل الذكر على الأنثى. وهذا إجماع من العلماء، وليس في الفرائض موضع يكون فيه الذكر والأنثى سواء إلا في ميراث الإخوة للأم. فإذا ماتت امرأة وتركت زوجها وأمها وأخاها لأمها فللزوج النصف وللأم الثلث وللأخ من الأم السدس. فإن تركت أخوين وأختين - والمسألة بحالها - فللزوج النصف وللأم السدس وللأخوين والأختين الثلث، وقد تمت الفريضة. وعلى هذا عامة الصحابة؛ لأنهم حجبوا الأم بالأخ والأخت من الثلث إلى السدس. وأما ابن عباس فإنه لم ير العول ولو جعل للأم الثلث لعالت المسألة، وهو لا يرى ذلك. والعول مذكور في غير هذا الموضع، ليس هذا موضعه. فإن تركت زوجها وإخوة لأم وأخا لأب وأم؛ فللزوج النصف، ولإخوتها لأمها الثلث، وما بقي فلأخيها لأمها وأبيها. وهكذا من له فرض مسمى أعطيه، والباقي للعصبة إن فضل. فإن تركت ستة إخوة مفترقين فهذه الحمارية، وتسمى أيضا المشتركة. قال قوم: (للإخوة للأم الثلث، وللزوج النصف، وللأم السدس)، وسقط الأخ والأخت من الأب والأم، والأخ والأخت من الأب. روي عن علي وابن مسعود وأبي موسى والشعبي وشريك ويحيى بن آدم، وبه قال أحمد بن حنبل واختاره ابن المنذر؛ لأن الزوج والأم والأخوين للأم أصحاب فرائض مسماة ولم يبق للعصبة شيء. وقال قوم: (الأم واحدة، وهب أن أباهم كان حمارا! وأشركوا بينهم في الثلث)؛ ولهذا سميت المشتركة والحمارية. روي هذا عن عمر وعثمان وابن مسعود أيضا وزيد بن ثابت ومسروق وشريح، وبه قال مالك والشافعي وإسحاق. ولا تستقيم هذه المسألة أن لو كان الميت رجلا. فهذه جملة من علم الفرائض تضمنتها الآية، والله الموفق للهداية.

اهـ من تفسير القرطبي

قال القاضي أبو محمد: والاشتقاق في معنى لكلالة يفسد تسمية المال بها، وقالت طائفة: الكلالة الورثةَ، وهذا يستقيم على قراءة " يورِث " بكسر الراء، فينصب {كلالة} على المفعول، واحتج هؤلاء بحديث جابر بن عبد الله، إذ عاده رسول الله صلى الله عيله وسلم، فقال: يا رسول الله، إنما يرثني " كلالة " أفأوصي بمالي كله؟ وحكى بعضهم: أن تكون " الكلالة " الورثة، ونصبها على خبر {كان}، وذلك بحذف مضاف، تقديره ذا كلالة، ويستقيم سائر التأويلات على كسر الراء، وقوله {أو امرأة} عطف على الرجل، وقوله تعالى: {وله أخ أو أخت} الآية، الضمير في له عائد على الرجل، واكتفى بإعادته عليه دون المرأة، إذ المعنى فيهما واحد، والحكم قد ضبطه العطف الأول، وأصل {أخت}: أخوة، كما أصل بنت: بنية، فضم أول أخت إذ المحذوف منها واو، وكسر أول بنت إذ المحذوف ياء، وهذا الحذف والتعليل على غير قياس، وأجمع العلماء على أن الإخوة في هذه الآية الإخوة لأم، لأن حكمهم منصوص في هذه الآية على صفة، وحكم سائر الإخوة مخالف له، وهو الذي في كلالة آخر السورة، وقرأ سعد بن أبي وقاص " وله أخ أو أخت لأمه " والأنثى والذكر في هذه النازلة سواء، وشركتهم في الثلث متساوية وإن كثروا، هذا إجماع، فإن ماتت امرأة وتركت زوجاً وأماً وإخوة أشقاء، فللزوج النصف، وللأم السدس وما بقي فللإخوة، فإن كانوا لأم فقط، فلهم الثلث، فإن تركت الميتة زوجاً وأماً وإخوين لأم وإخوة لأب وأم، فهذه الحمارية، قال قوم: فيها للإخوة للأم الثلث، ولا شيء لللإخوة الإشقاء، كما لو مات رجل وخلف أخوين لأم، وخلف مائة أخ لأب وأم، فإنه يعطى الأخوان الثلث، والمائة الثلثين، فيفضلون بالثلث عليهم، وقال قوم: الأم واحدة وهب أباهم كان حماراً، وأشركوا بينهم في الثلث وسموها أيضاً المشتركة.

اهـ من المحرر الوجيز

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير