[فن القراءة والإقراء]
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[14 Jun 2007, 12:46 ص]ـ
السلام عليكم
الإخوة الكرام بالنسبة لأزمنة الحروف ومسألة تساوي الحروف وأشباهها كل هذه المسائل تدرس ولا تطبق بحذافيرها.
وما قاله ابن الجزري: واللفظ في نظيره كمثله " فيه تفصيل
لأن الحرف له عدة أوضاع تارة يكون ساكنا والزمن في سكون الوقف بخلاف الزمن في سكون الوصل، وأيضا الصفات تختلف بحسب وضع الحرف بمعني أن الحرف في حال سكونه يختلف زمنه عن حال حركته، بل الحركات أيضا تختلف درجتها بحسب حال حركة ما قبله. ولعل الكلام يكون في ظاهره غريبا ولكن سوف نحاول التقريب ............
والقراءة للحروف أنواع:
منهم من يقرأ حروفا مهملة لا تكاد تستطيع تمييزها وهذا النوع يستخدمه القراء في ورد المراجعة.
ومنهم من يقرأ بما يعلّم به، أي ما ينطقه للطلبة في حال الإقراء يقرأ به، وهؤلاء لم يعرفوا الفرق بين القراءة والإقراء، ففي حالة الإقراء يكون المعلم متكلفا قليلا حتي يستطيع الطالب إدراك ما هية الحرف جيدا ولذا قال الجعبري في عقود الجمان:
"سألوه قال أزيد كيما يأتي التـ ... تلميذ بالمعني المراد فعان
وكذاك فسره لنا ابن مجاهد ... فالطعن فيهم ليس فيه شفاني
وأباح في التعليم إفراطا لنا ... في كل ما نضطره هذان.
وهو يقصد بـ " سألوه " الإمام حمزة عندما اعترض عليه بعض الأفاضل من طول مده. وهو واضح الإفراط في مقام التعليم، أما أن يقرأ بما يعلم به الطالب من هذا الإفراط لم يقل به أحد من مشايخنا ـ رحمهم الله ـ
ومنهم من يقرأ قراءة ملائمة لطبيعته دون كلفة وصارت له سجية ولا ينظر لحرف مفخم أو مرقق فقد ضبط فمه علي ميزان معين لا يخل به إلا بعض الهفوات التي لا يسلم منها أحد.
ولذا قال الجعبري:
..................................... ... وتيقظن عند الأداء وعان
وادمن ليبقي حسن لفظك دربة ... وطبيعة وتفوز بالإتقان.
وأضرب لكم أمثلة تقريبية:
الضاد الساكنة .. أضع لكم أمثلة للضاد الساكنة كل واحدة تختلف عن الأخري في الزمن ـ تبعا لإخواننا المتمسكين بالأزمنة ـ
لو وقفت علي " الأرض " بالتأكيد سيزداد زمن الضاد لأن سكون الوقف يخالف سكون الوصل، ولذا أجازوا في اللين ـ خوف ـ الوقف بحركتين ولم يجيزوا ذلك في سكون الوصل.
ولذا ألمح ابن جني في الخصائص أن صفات الراء في الوصل أقل منه في الوقف.
ولو قرأت: " واغضض من صوتك " تجد الضاد أقل من ضاد "الأرض "
ولو قرأت: " فمن اضطر " ستجد نفسك تبالغ قليلا في نطق الضاد بخلاف السابقتين
ولو قرأت: " يغضضن" تجد نفسك تسرع قليلا في الضاد الساكنة من ضادي (واغضض ـ اضطر)
وهذه الدقائق يصعب أن تجدها في الكتب وهي لا تؤخذ إلا بالمشافهة من القراء المهرة، بل والقراء الكبار يحيلون في كتبهم إلي المشافهة بعدما يقربوا بعض النطق، وتجد الطالب يحاول أن يضبط كل حرف في كل موضع بنفس درجة الحرف السابق بالضبط فيلقي من المشقة ما يلقي ويفوت علي نفسه فرصا عظيمة.
قد نبهنا شيوخنا أن خروج الحرف يختلف بحسب ما قبله وما بعده ـ أما بحسب الحركة فهذا ظاهر عند الجميع وذاك يسمي " مراتب التفخيم ووو ... "
ولو وجدت نفسك تقرأ العين من كلمة " معك " تجد سهولة وانسيابية في النطق، بينما لو قرأت العين من " معه " تجد قليلا من المبالغة. لأن العين في ـ معك ـ بعده مفتوح لذلك امدد الحرف في سهولة، وأما " معه " بعده ضم فانتقل الحرف من وضع لوضع فتجد جزءا من المبالغة في " معه ".
ثم انظر إلي العين مع العين عند الانفصال في نحو: " تقع علي الأرض " تجد المبالغةفي عين " تقع " أكبر من سابقيه وكل ذلك ملموس وواضح. أما " ينزعُ عنهما " أخف نطقا من المفتوحتين.
إذن وضع الحرف له تأثير في النطق، أما محاولة وضع مقدار واحد للحرف ـ دون النظر للمعطيات الأخري ـ فهذا هو التكلف بعينه. وهذا ما يشيرون إليه القدامي في بعض كتبهم من المبالغو مثلا للميم عند الواو والفاء وتمييز هذه الميم مع الحرفان عن غيرهما.
وهكذا يظهر لك الفرق أخي الكريم من يأخذ من الكتب، وممن يأخذ من الشيوخ المهرة.
ولست أذكر هل سمعت هذه المقالة أم قرأتها بالنسبة لحروف المد: أنه لا يوجد من يجعل مقدار مدوده مقدارا واحدا بالضبط مهما كانت براعته ـ لو قيس زمن مدود أي قارئ بالأجهزة الحديثة ستجد تفاوتا في المدود ولو كان ضئيلا ـ لأن طول الآية وقصرها لها تأثير في المدود والغنن، ولكن الماهر الذي لا يجعل المستمع يشعر بهذا الفرق الضئيل.
وننتظر تعليق إخواننا علي هذه النقاط.
والسلام عليكم