[الوقف على الهمزة لهشام وحمزة]
ـ[ابوهبة الله]ــــــــ[08 Jul 2007, 08:23 م]ـ
بداية تعدّ ظاهرة الهمز من أهمّ الظواهر الصّوتيّة في القراءات القرآنيّة , كما أنها من أهمّ الظواهر الصّوتيّة التي نالت عناية الدّارسين - القدامى والمحدَثين - فاهتمّوا اهتماماً كبيراً وعقدوا له فصولاً تحدّثوا فيها بصورة مفصّلةٍ عن أحكام الهمزة من حيث نطقها تحقيقاً وتخفيفاً وتكلموا على عَلاقة حروف المدّ واللين فيها وعيّنوا القبائل التي تهمز والقبائل التي تحقق مع بيان أسباب ذلك.
وقد حصل خلاف بين الدّراسين في طبيعة الهمزة وفي صفتها حتى قال بعض الباحثين:"إنّ الهمزة علم مشكلة من أعقد مشكلات الأصوات العربيّة، ويرجع ذلك إلى الاختلاف في ماهيّته وفي عَلاقاته ". ()
فبعض القبائل كانت تميل إلى تخفيف الهمزة وبعضهم كان يحققها، والدّارس لسبب تغيير الهمزة وقفاً عند حمزة يجد هنالك عوامل لهذا التغيير، ومنها:
إنّ قوما ً حققوا الهمزة مطلقاً - أي وقفاً ووصلاً - "فكأنما الهمز قد ملأ على الناس شعورهم فلهذا وجد حمزة من الضروري أن يحذر الناس من المبالغة في تحقيق الهمزة عند التلاوة". ()
ومنها أنّ حمزة "اختصّ بقراءته بالمدّ التام والتحقيق الحسن , فإذا رام الوقف قصد بذلك الاستراحة , فخففت الهمزة عند ذلك؛ لأنّ الهمزة في النطق بها مشقة وكلفة ... أو لضيق يلحق القارئ في نفسه، او لكلال يعتريه في مواصلة قراءته، أو انه اختار أن يجمع بين اللغتين ". () "ولأنّ الهمز صوت حَنجريّ انفجاريّ". () .. لذلك عمدت بعض القبائل العربيّة إلى تخفيف النطق بالهمز.
فان قيلَ: لِمَ خصّ حمزة الهمزة بالتخفيف دون غيرها من حروف الهجاء؟
أجيب على ذلك: أنّ حروف الهجاء لمّا سمّيت بحروف البناء؛ ذلك لأنها أساس الكلمات والألفاظ التي تتكوّن منها الجمل التي تدلّ على المعاني المتغايرة والمختلفة، وأنّ بعض الحروف قويّ وبعضها ضعيف ومتوسط وفق ما يوصف من الصّفات، فلمّا كانت الهمزة توصف ببعض صفات القوّة وقد بعُد مخرجها عن الجميع، فقصد تخفيف الكلمة التي أتت بها همزة لثقلها. ()
أو بتعبير مختصر: " خففت من بين حروف المعجم؛ لأنها كالتهوّع () من صاحبها تخرج من صدره كالسّعلة إذا قال أكرم أو أحسن , فثقلت عليهم فخففوها وأبدلوها .. ". ()
هذا وقد اختصّ حمزة بالوقف ()؛ لأنّ قراءته تشتمل على التحقيق () والمدّ () والسّكت () وما شاكل ذلك. كما أشار إلى هذا ابن الجزري بقوله:" وقد اختصّ حمزة بالوقف من حيث قراءته اشتملت على شدّة التحقيق والترتيل والمدّ والسّكت فتناسب التسهيل في الوقف , ولذلك روينا عنه الوقف بتخفيف الهمز". ()
ونخلص ممّا تقدم أنّ سبب التغيير عند حمزة هو كما يأتي:
1 - لأنه يقرأ بالمدّ الطويل اللازم. ()
2 - لأنّ قراءته تحقيقاً ببطء , فإذا وقف قصد الاستراحة.
3 - لوجود ضيق يعتري مواصلة النفس.
4 - من أجل الجمع بين أحكام لغتين أو قراءتين أو أكثر استحساناً.
5 - لصعوبة مخرج الهمزة وشدّتها.
إذاً استحبّت العرب تخفيف الهمزة؛ ذاك لأنّ عملية إخراجها يحتاج إلى جهد عضلي قد يزيد على ما يحتاج إليه أيّ صوت آخر , هذا الأمر وغيره هو الذي جعلَ الباحثينَ الدّارسينَ يعدّون الهمزة من المُشكلات الصّوتيّة، ولاسيّما من حيث نطقها وتخفيفها وعَلاقتها بالأصوات الأخرى. ولذا صار للهمزة أحكاماً مختلفة ذكرتها كتب اللغة والقراءات وبسبب الشدّة التي تحدث من إنتاج الهمزة مالت بعضُ اللهجات العربيّة إلى تخفيفها ففرّت من نطقها مخففة ولهذا جاءت الرّواية عن حمزة بتخفيف المتطرّفة والمتوسطة والمبتدئة إذا نزلت منزلة المتوسطة. وجاءت عن هشام بتخفيف المتطرّفة فحسب. ()
وقبل الخوض في التفاصيل , علينا أن نعلم بأنّ الهمزة التي نحن في صددها لها تسميات عدّة؛ كي يتسنى لنا معرفة موضوعنا بالتحديد , ومنها:
- أصليّة: وهي كلّ همزة وقعت فاء للكلمة , نحو: أكل، وأمر. أو عينها مثل: فأس، ورأس. أو لامها مثل: ضياء، وقثاء. ()
- زائدة: كل همزة وقعت أوّلاً قبل فاء الكلمة , نحو: أحمر، وأصفر , وآخراً بعد لامها مثل: حمراء , وصفراء. ولا تقع وسطاً إلا قليلاً مثل: شمْأل , وبعبارة أخرى:"فيما لم تكن فاء الكلمة ولا عينها ولا لامها ". ()
¥