تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أوّلاً: إنّ المسألة بُنيت على قياس محض في مقابل ما تواتر أداءً عند أهل الإقراء في جميع الأقطار، وفي مقابل مضمون نصوص الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى التي مقتضاها التسوية بين المدّ العارض السكون الذي آخره هاء التأنيث وبين غيره، والتي مقتضاها أيضاً التفريق في الحكم بين {اللائي} وبين {الصلاة} وشبهه في الوقف، وقد نصّ الداني وغيره عليهم رحمة الله تعالى على المدّ المشبع عند إبدال الهمزة ياء في الوقف على {اللائي} فحسب ولم ينصّ على لفظ {الصلاة} وشبهه. ولا يمكن إسقاط ما تواتر بالنصّ والأداءً بالقياس، لأنّ إجراء الأوجه الثلاثة في نحو {الصلاة} مؤيّد بالنصوص العامة المطلقة وهو ثبوت السكون في الوقف دون الوصل من جهة، وعروض السكون تبعاً لعروض هاء التأنيث، فالساكن وإن كان لازماً لهاء التأنيث إلاّ أنّه عارض بالتبعية لأنّ هاء التأنيث عارضة فيكون سكونها عارضّ كذلك. فإن قيل هو كذلك في {اللائي} لكون الساكن يثبت في الوقف دون الوصل كذلك للزومه للحرف الموقوف عليه وكونه عارض بالتبعيّة أيضاً؟ الجواب: الفرق بينهما هو أنّ لفظ {اللائي} مقيّد بالنصّ والأداء، ولا شكّ أنّ المقيّد مقدّم على المطلق خلافاً للفظ {الصلاة} وشبهه فلم يقيّد بأيّ قرينة تصرفه من الإطلاق إلى التقييد. فالأصل أن يكون السكون اللازم لحرف المدّ ثابتاً في الوصل والوقف، وأن يكون السكون العارض ثابتاً في الوقف دون الوصل، وأن يكون الحرف الموقوف عليه ثابتاً في الوقف والوصل أيضاً، ومن اطلع على ما نقله الأئمّة من الأقوال والأمثلة في ذلك لأدرك هذا التأصيل، ولا يخرج عن هذا الأصل إلاّ بقرينة تصرفه عن هذا الأصل، والقرينة أمّا بالنصّ أوما ثبت بالأداء كثبوت اللسكون في الوصل دون الوقف على تاءات البزيّ في نحو {ولآ تّيمموا} و {ولآ تّجسسوا} وثبوت السكون في الوقف دون الوصل في {اللائي} وكلاهما يخرجان عن الأصل بقرينة النصّ والأداء خلافاً للفظ {الصلاة} وأخواتها.

ثانياً: لم أجد فيما اطلعت عليه في المصادر المعتبرة نصّ يلزم المدّ المشبع أو يمنع القصر والتوسّط عند الوقف على {الصلاة} ونحوه، ويؤيّد ما أقول أنّي لم أجد فيما اطلعت عليه من مثّل في باب المدّ اللازم بلفظ {الصلاة} وشبهه ولو كان داخلاً في اللزوم الذي أراده أهل الأداء لأدخلوه ضمن الأمثلة.

ثالثاً: إنّ القياس يُجنح إليه عند عدم النصّ وغموض الوجه في الأداء. أقول: ليس هناك أيّ نصّ يمنع ما منع العلامة المارغني عليه رحمة الله بل مقتضى النصوص تؤيّد ما منع، وليس هناك أيّ غموض من جهة الأداء، فعلى أيّ أساس يمنع العلامة القصر والتوسط في الوقف على {الصلاة}؟

رابعاً: لو اقتصر العلامة على تقديم وجه المدّ المشبع على وجه التوسّط والقصر في الوقف على نحو {الصلاة} لكان وجيهاً من حيث القياس ولكان موافقاً لمنهج الأئمة في تقديمهم للوجه الأقيس، إلاّ أنّه بقياسه هذا لم يقتصر على تقديم الطول فقط بل ألزمه وأسقط غيره مخالفأ بذلك منهاج أهل الأداء في اعتمادهم على القياس. قال الداني عليه رحمة الله تعالى: " مع الإعلام بأنّ القراءة ليست بالقياس دون الأثر". أقول: فإن كان الأثر يُثبت وجهاً فلا ينبغي إسقاطه لا سيما بالقياس.

خامساً: إن قرأ العلامة على مشايخه بطول المدّ في الوقف على تلك الكلمات فعلى أيّ أساس يلزم غيره الذين قرءوا بالأوجه الثلاثة على الأخذ بوجه الطول خروجاً من الخلاف، مع أنّ الخلاف في ذلك ليس معتبراً لعدم ثبوته عند الأئمّة عليهم رحمة الله، إذ لو كان الخلاف ثابتاً لنقله إمام الفنّ في كتابه النشر أومن سبقه من الأئمّة كالداني وغيره.

وعلى ما سبق من البيان نخلص إلى جواز الأوجه الثلاثة في المدّ العارض للسكون الذي آخره هاء التأنيث مع إمكان تقديم وجه الطول في الأداء لقوّته قياساً على {اللائي} عند الوقف عليها بالياء.

وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[04 Mar 2008, 11:30 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

المسألة السادسة عشر: قياس {ونذر} على (فأسر، أن أسر، إذا يسر) في ترقيق الراء وقفاً:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير