تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالشذوذ يدل على الانفراد والندرة [8، ج1 ص96]، والتفرق والخروج على القاعدة والأصول فكل شئ منفرد فهو شاذ [3، ج5 ص28 - 29].

والشاذ في الاصطلاح يختلف مفهومه حسب كل علم، فهو عند النحاة غيره عند علماء السنة، ويختلف عنهما لدى علماء القراءات.

فالقراءات الشاذة هي التي تقابل القراءات المتواترة.

وعرفت بأنها (من فقدت ركنًا أو أكثر من أركان القراءة المقبولة [9، ج1 ص129].

كما عرفت بأنها كل قراءة بقيت وراء مقياس ابن الجزري الذي قال ( ... ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم [10، ج1 ص9].

فالقراءة الشاذة هي: التي لم يصح سندها وخالفت الرسم ولا وجه لها في العربية [9، ج1 ص242].

كما عرفت بأنها كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً ولم يتواتر سندها [10، ج1 ص9].

إن التعريف الذي تطمئن إليه النفس في تعريف القراءة الشاذة هو: القراءة التي صح سندها ووافقت اللغة العربية ولو بوجه وخالفت المصحف.

وهذا التعريف هو الذي اعتمده ابن تيمية [12، ج13 ص393 - 394] وابن الجزري [4، ص16 - 17] كما اعتمده قبلهما مكي القيسي [13، ص10، 103] وأبو شامة المقدسي [15، ص145،171].

وبهذا يعلم أن القراءة الشاذة عند الجمهور هي ما لم يثبت بطريق التواتر [11، ص10].

ولعل السبب في تسميتها بالقراءة الشاذة يعود إلى أنها شذت عن الطريق الذي نقل به القرآن حيث نقل بجميع حروفه نقلاً متواترًا.

قال ابن الجزري: شذت عن رسم المصحف المجمع عليه وإن كان إسنادها صحيحًا [4، ص16 - 17].

نشأة القراءات الشاذة

كانت القراءات في العهد النبوي وعهد الشيخين نبعًا يلبي حاجة ماسة عند القبائل ويقع منهم مواقع حسنة ويوقفهم على أساليب القرآن الكريم، ولكن تنوع هذه القراءات خاصة في عهد الخليفة الثالث أخذ يسير في منحى يناقض مسوغ وجودها الذي هو التيسير على الأمة.

وأصبح يثير من المخاوف على ضياع شئ من القرآن بقراءاته المتعددة وكذا الخوف على وحدة المسلمين ما استنهض الخليفة عثمان لدرء هذه الفتنة وذلك بتوحيد المصاحف على القراءات المجمع عليها [15، ص31].

ومن هنا بدأ يظهر الشذوذ على كل قراءة لم تحظ بالإجماع فقد ذكرت الروايات أن عثمان أبعد عن قرآن المسلمين عددًا من الروايات التي لم يستفض نقلها عن النبي عليه الصلاة والسلام وإعلان بطلان العمل بها وإرساله لكل مصر قارئًا تتفق قراءته والنسخة التي أرسلت إليه، حتى أصبح من ذلك الحين رسم المصحف العثماني شرطًا أساسيًا من شروط صحة القراءة لا توافقه اعتبرت من الشاذ.

وبقى خارج حدود الرسم عدد من الحروف كما جاءت مصاحف كل من أبي وابن مسعود وغيرهما، وقد ذكر المتتبعون لشأن القراءات أن معظم الحروف التي اشتملت عليها هذه المصاحف لم تشهد العرضة الأخيرة التي عرضها الرسول عليه الصلاة والسلام على جبريل وإن كان أصحاب هذه المصاحف تمسكوا ببعض القراءات ولم يتخلوا عنها لأنهم سمعوها بأنفسهم من النبي عليه الصلاة والسلام على جبريل وإن كان أصحاب هذه المصاحف تمسكوا ببعض القراءات ولم يتخلوا عنها لأنهم سمعوها بأنفسهم من النبي عليه الصلاة والسلام [16، ص20].

وإن كانت بعض هذه القراءات عبارة عن تفسير لألفاظ أو أحكام القرآن التي جعلها بعض الصحابة بجوار الآية مثل قراءة سعد بن أبي وقاص (وله أخ أو أخت) (من أم) [النساء: 12] فإنها تبين المراد بالأخوة هنا هو الأخوة للأم [10، ج1 ص29].

مما يفيد أن قرآنيتها ينسب إلى الآحاد [15، ص25] وبالتالي شذت عن الإجماع وشذت عن التواتر فليست من الأحرف السبعة، ولذلك كان يبدي الإمام الطبري حذره الشديد في قبول مثل هذه القراءة وأمثالها كما يتضح ذلك من قوله (لا نعلم ذلك صحيحًا من الوجه الذي تصح به الأخبار) [17، ج2 ص267].

ومع شذوذ هذه القراءات وخروجها عن الإجماع في الوقت المبكر إلا أن القراءة بها لم تتوقف عند عدد من القراء بل تمسكوا بها مقتنعين بأن ما صح عن النبي لا يمكن تجاهله، كما أشار إلى ذلك مكي القيسي بقوله (ولذلك تمادى بعض الناس على القراءة بما يخالف خط المصحف مما ثبت نقله [13، ص31].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير