تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كيف يقرأ كلام الله عز وجل _ فالتجويد: ـ مصدر من جوَّد تجويداً، والاسم منه الجُودة، ضد الرداءة، يُقال: جوَّد فلانٌ في كذا إذا فعل ذلك جيداً، فهو عندهم: عبارة عن الإتيان بالقراءة مجودة الألفاظ، بريئة من الرداءة في النطق، ومعناه انتهاء الغاية في التصحيح، وبلوغ النهاية في التحسين، ولاشك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده، متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة، المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية، التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها.

% والناس في ذلك بين محسن مأجور ومسيء آثم، أو معذور، فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى، باللفظ العربي الفصيح، وعدَل إلى اللفظ الفاسد العجمي، أو النبطي القبيح، استغناءً بنفسه، واستبداداً برأيه وحدسه، واتكالاً على ما أَلِفَ حِفْظَهُ واستكباراً عن الرجوع إلى عَالِمٍ يوقفه على صحيح لفظه. فإنه مُقصِّرٌ بلا شك، وآثم بلا ريب، وغاش بلا مِرْيَة.

_فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدِّين النصيحة: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامَّتهم) (عنون به البخاري للباب42 من كتاب الإيمان إلا أنه لم يذكر (ولكتابه) [البخاري 1/ 137] ومسلم واللفظ له [(1/ 74) كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، والحديث برقم (95)].

% أمَّا من كان لا يطاوعه لسانه؛ أو لا يجد من يهديه إلى الص واب بيانه، فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها. ولهذا أجمع من نعلمه من العلماء، إلى أنه لا تصح صلاة قارئ خلف أُمِّي: وهو من لا يُحسن القراءة. واختلفوا في صلاة من يُبَدِّلُ حرفاً بغيره، سواء تجانسا أم تقاربا، وأصح القولين عدم الصحة كمن قرأ: الحمد بالعين، أو الدين بالتاء، أو المغضوب بالخاء، أو الظاء، أوالطاء. ولذلك عَدَّ العلماء القراءة بغير تجويد لحنا ً، وعَدُّوا القارئَ بها لحَّانًا، وقسَّموا اللحن إلى: جليٍّ وخفيٍّ. واختلفوا في حدِّه وتعريفه: ـ والصحيحُ أن اللحن فيهما خلل يطرأ على الألفاظ فيخل، إلا أن الجليَّ يُخِلُّ إخلالا ظاهرا ً، يشترك في معرفته علماء القرآن وغيرهم. وأن الخفي يخل إخلالا يختص بمعرفته علماء القراءة وأئمة الأداء، الذين تلقوا من أقوال العلماء، وضبطوا عن ألفاظ أهل الأداء، الذين تُرتضى تلاوتهم، ويُوثق بعربيتهم، ولم يخرجوا عن القواعد الصحيحة، والنصوص الصريحة فأعطوا كل حرف حقه؛ ونزَّلوه مَنْزِلته، وأوصلوه مستحقه من التجويد والإتقان، والترتيل والإحسان.

% قال الشيخ الإمام أبو عبدالله نصر بن علي بن محمد الشيرازي، في كتابه: (الموضح في وجوه القراءات) في الفصل الذي يذكر فيه التجويد، بعد ذكر الترتيل والحدر ولزوم التجويد فيها، قال: (فإِنَّ حُسْنَ الأداء فرض في القراءة، ويجب على القارئ أن يتلو القرآن حق تلاوته، صيانة للقرآن عن أن يجد اللحنُ والتغييرُ إليه سبيلا ... ).) النشر في القراءآت العشر) (فالتجويد هو حلية التلاوة وزينة القراءة، وهو إعطاء الحروف حقوقها، وترتيبها مراتبها، وردُّ الحرف إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره، وتصحيح لفظه، وتلطيف النطق به على حال صيغته، وكمال هيئته، من غير إسرافٍ ولا تعسُّفٍ، ولا إفراطٍ ولا تكلفٍ: _ وإلى ذلك أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (من أَحبَّ أن يقرأ القرآن غضًّا كما أُنزِل! فليقرأ قراءة ابن أم عبد) (ابن ماجه في المقدمة: باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث رقم (138) (الجزء الأول من الكتاب ص 49) وأحمد في المسند 1/ 7، 26، 445، 454. , 2/ 446. 4/ 279 بألفاظ متقاربة).

يعني عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وكان رضي الله عنه قد أُعطِي حظاً عظيماً في تجويد القرآن وتحقيقه وترتيله، كما أنزله الله تعالى، وناهيك برجل أحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يسمع القرآن منه ولما قرأ أبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين. عن أبي الضُّحى عن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقرأ عليَّ، قال: قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري، قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت] فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [قال لي: كُفّ، أو أمسك. فرأيت عينيه تذرفان) (البخاري 9/ 98 كتاب فضائل القرآن، باب البكاء عند قراءة القرآن، الحديث رقم 5055 ومسلم)

%ولقد أَصَّل العلماء من القُرَّاء لذلك أصولا، ووضعوا قواعد تضبط أحكام التلاوة، ومخارج الحروف وصفاتها، والمدود والغنة، وأحكام الميم الساكنة والتنوين وغيره، تجد ذلك مُفَصَّلاً في كتب التجويد والقراءات، ولابد من التلقي في الأخذ عن العلماء، الذين أخذوا القرآن مشافهة وبسندهم عن مشايخهم، إلى انتهاء السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام، ثم إلى رب العزة جل جلاله لأن القرآن الكريم لا يؤخذ إلا هكذا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير