ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[04 Nov 2007, 09:28 م]ـ
يعتبر أبو العباس أحمد بن البناء المراكشي {ت721هـ} من أبرز المدافعين عن توقيفية رسم المصحف وقد كان واسع المعرفة حاد الذكاء بلغ في عصره قمة صناعة التأليف كما نقل المقري في أزهار الرياض عن بعض المتأخرين أنه قال:"وانتهت صناعة التأليف في علماء المغرب على صناعة المشرق لشيخ شيوخ العلماء في وقته ابن البناء الأزدي المراكشي في جميع تصانيفه " أزهار الرياض في أخبار عياض:3/ 23
وقد خص موضوع رسم المصحف بكتاب سماه "عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل " وهو عمل فريد في بابه سلك فيه ابن البناء طريقة جديدة جديدة مخالفة لما دأب العلماء عليه قبله في تعليل رسم المصحف وساعده على ما كان يمتلكه من سعة الأفق وقوة الإدراك
إنه يقف موقف المدافع عن توقيفية رسم المصحف بصورة منطقية دقيقة دون أن تغيب عنه تلك الطرق المتبعة قبله في تعليل رسم المصحف على نحو ما يعثر عليه الباحث بين الفينة والأخرى لدى المهدوي أو الجهني أو الداني أو غيرهم
يقول ابن البناء:"لما كان خط المصحف الذي هو الإمام الذي يعتمده القاريء في الوقف والتمام ولا يعدو رسومه قد خالف خط الأنام في كثير من الحروف الأعلام ولم يكن ذلك منهم كيف اتفق بل على أمر عندهم تحقق بحثت عن وجوه ذلك منهم بمقتضى الميزان وأوفى الرجحان ووقفت منه على عجائب ورأيت منه غرائب جمعت منها في هذا الجزء ما تيسر عبرة لمن يتذكر" عنوان الدليل:10 - تحقيق هند شلبي
إن الرسوم إنما اختلف حالها في الخط بحسب اختلاف أحوال معاني كلماتها وهو ما تحدث عنه ابن البناء لكن بأسلوبه المعهود الذي يقول عنه:
قصدت الى الوجازة في كلامي * * * لعلمي بالصواب في الاختصار
ولم أحذر فهوما دون فهمي * * * ولكن خفت إزراء الكبار
فشأن فحولة العلماء شأني * * * وشأن البسط تعليم الصغار
يتبع
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[10 Nov 2007, 02:39 ص]ـ
لتقريب مذهب ابن البناء في تعليل رسم المصحف من الإخوة الكرام أقدمه من زاويتين:
1 - مواقف العلماء من مذهب ابن البناء في تعليل المصحف: أثار كتاب "عنوان الدليل "لابن البناء المراكشي على صغر حجمه ردود فعل مختلفة من قبل العلماء مما يمكن اختزاله في موقفين بارزين:
أ- موقف مؤيد لمذهب ابن البناء ويمثله عدد من العلماء من أبرزهم الزركشي {ت794هـ} في "البرهان" والسيوطي {ت911هـ} في الإتقان، والقسطلاني {ت923هـ "في لطائف الإشارات"
ب- موقف منتقد لهذا المذهب غير مستسيغ له ومن أبرز الممثلين لهذا الاتجاه من السابقين ابن خلدون {ت808هـ} في "المقدمة" ومن المعاصرين الدكتور صبحي الصالح رحمه الله والدكتور غانم قدوري أطال الله عمره
يتبع
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[10 Nov 2007, 05:38 م]ـ
ما زلنا مستمعين ومستمتعين ..
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[10 Nov 2007, 11:06 م]ـ
تحية إسلامية طيبة أخي الكريم الفاضل الأستاذ العبادي وما تفضلتم به من كلمات رقيقة إنما هي من نبلكم وحسن ظنكم بأخيكم
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[11 Nov 2007, 12:37 ص]ـ
نلقي الضوء -هنا - بإيجاز على بعض ما قاله المنتقدون لهذا المذهب وذلك على النحو التالي:
1 - ابن خلدون: يقول في المقدمة:" ولا تلتفتن في ذلك الى ما يزعمه بعض المغفلين من أنهم - أي الصحابة - كانوا محكمين لصناعة الخط وأن ما يتخيل من مخالفة خطوطهم لأصول الرسم ليس كما يتخيل، بل لكل منها وجه
يقولون في مثل زيادة الألف في {لأاذبحنه} تنبيه على أن الذبح لم يقع وفي زيادة الياء في {بأييد} إنه تنبيه على كمال القدرة الربانية وأمثال ذلك مما لا أصل له إلا التحكم المحض وما حملهم على ذلك إلا اعتقادهم أن في ذلك تنزيها للصحابة عن توهم النقص في قلة إجادة الخط وحسبوا أن الخط كمال فنزهوهم عن نقصه ونسبوا إليهم الكمال بإجادته وطلبوا تعليل ما خالف الإجادة من رسمه وليس ذلك بصحيح "
إنه على الرغم من أن ابن خلدون لم يصرح باسم ابن البناء إلا أن كلامه ينطبق تماما على مذهبه في تعليل رسم المصحف فهو الذي يقول إن الصحابة لم يكن ذلك منهم كيف اتفق بل على أمر عندهم قد تحقق وهو الحق الذي لا شك فيه لا تنزيها للصحابة عن توهم النقص في قلة إجادة الخط بل تنزيها لكتاب الله أن يكون في رسمه الخطأ
وعن قوله تعالى: {لأاذبحنه} يقول ابن البناء: إن الزيادة في أول الكلمة يكون باعتبار معنى زائد بالنسبة الى ما قبله في الوجود والألف هنا زيدت تنبيها على أن المؤخر أشد وأثقل في الوجود من المقدم عليه لفظا فالذبح أشد من العذاب {لأعذبنه عذابا شديدا أو لأاذبحنه}
يتبع
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[11 Nov 2007, 01:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا، وبارك في وقتكم وعلمكم.
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[11 Nov 2007, 02:01 ص]ـ
شكر الله لكم أخي الفاضل الكريم عنايتكم وحسن ظنكم بأخيكم الفقير الى عون ربه وبارك فيكم وجعل أعمالنا جميعا خالصة لوجه الله
¥