والتفاعل معها وتصريف شؤون الحياة بالمرجعيَّة الكاملة إلى العقل.
ولك أن تستغرب ما يكتبه حفيد الشيخ حسن البنَّا ـ رحمه الله ـ وهو طارق رمضان في كتابه (مسلمو الغرب ومستقبل الإسلام) الذي نشرته جامعة أكسفورد، حتَّى إنَّ مجلة التايم عام 2000م جعلته كأحد أهم مئة مبدع في القرن القادم، وقد نادى في كتابه هذا بضرورة اندماج المسلمين في الغرب (و إيجاد إسلام غربي توجهه الحقائق الثقافية للغرب، وتقديم رؤية لهوية إسلامية جديدة كخطوة ضمن محاولات تعديل وإعادة تشكيل الثقافة الدينية للمسلمين) [10].
* أوصاف المسلمين المعتدلين الذين لا يتعارضون مع المفاهيم الغربيَّة والأمريكيَّة خصوصاً:
في مقال له بعنوان: (كيف نحدِّد المسلمين المعتدلين؟) أشاد (دانيال بايبس) بأنَّ هناك أخباراً سارَّة تؤكِّد بأنَّ هناك أشخاصاً يرفعون أصواتهم لنشر الإسلام المعتدل، وذكر منهم محمد هشام قبَّاني وأحمد صبحي منصور!
من خلال العنوان السابق: (كيف نحدد المسلمين المعتدلين؟) يظهر لنا من خلاله أنَّ لدى القادة الفكريين والسياسيين في الغرب نَهَمَاً لمعرفة الحدود الفاصلة بين المسلمين المتطرفين ـ بزعمهم ـ والمعتدلين، وعليه فقد حاولوا أن يضعوا مواصفات ومقاييس ليقاس عليها أي أحد ادَّعى أنَّه معتدل؛ إذ ليس كل مدَّعٍ للاعتدال من الإسلاميين يكون معتدلاً كما يقول تقرير راند، ولهذا فإنَّ من الملامح التي يمكن تحديدها للإسلاميين المعتدلين الآتي:
(1) القبول بالديموقراطيَّة الغربيَّة مبدأً وأسلوباً وتطبيقاً.
(2) القبول بالموقف المضاد لتطبيق الشريعة، باعتبار أنَّ الشريعة الإسلامية لا تتناسب مع هذا العصر و المفهوم الغربي للديمقراطيَّة. وقد جاء في تقرير راند: (إنَّ الخطَّ الفاصل بين المسلم المعتدل وبين المسلم المتطرف في الدول ذات الأنظمة القانونيَّة المستندة إلى التشريعات الغربيَّة هو: هل يجب تطبيق الشريعة؟) [11].
(3) احترام حقوق النساء والأقليات الدينيَّة، ودعوى أنَّ الحقوق التي نالتها المرأة في عصر رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ لا تتناسب مع الظروف الراهنة العصريَّة.
(4) نبذ العنف والإرهاب. وهذه شنشنة إلى الآن لم تُحدَّد من قِبَلِ قادة الغرب، وما مقصودهم بالإرهاب؟.
(5) الإيمان بحقِّ الإنسان بتغيير دينه والارتداد عنه وحريَّة الشخص في ذلك.
(6) حريَّة المرأة في اختيار (الرفيق وليس الزوج) لتتشارك معه في حياتها.
(7) الوقوف بشكل حاد ضدَّ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ ومعاداة كتبه، وعدم التوافق مع أفكاره وطروحاته.
(8) دعم التيارات العلمانيَّة ماديَّاً ومعنوياً.
(9) الإيمان بحق الأقليَّات الدينيَّة بأن تتولَّى مناصب عليا في الدول ذات الغالبيَّة الإسلاميَّة.
* الليبراليُّون والطروحات الأمريكيَّة ... ومشابهة التوجهات:
بالطبع فإنَّ هؤلاء (الليبراليين الإسلاميين) يكثرون ويدندنون بالحديث حول عدَّة قضايا بعضها صواب وحق، ولكنَّهم يريدون بها الباطل، ومن صفات أهل البطلان حين يريدون أن يروِّجوا لباطلهم، أنَّهم يستخدمون خلاله كلمة حق ينفذون من خلالها لذلك الباطل إذ لو أنَّهم تكلموا بالباطل وحسب لم يقتنع أحد بكلامهم، فلا بدَّ أن يطعِّموا بذلك الباطل شيئاً من الحق ليروِّج باطلَهم.
وقد صدق أبو العبَّاس ابن تيميَّة حين قال:"ولا ينفق الباطل في الوجود إلا بثوب من الحق، كما أن أهل الكتاب لبسوا الحق بالباطل؛فبسبب الحق اليسير الذي معهم يضلون خلقاً كثيراً عن الحق الذي يجب الإيمان به، ويدعونه إلى الباطل الكثير الذي هم عليه، وكثيراً ما يعارضهم من أهل الإسلام من لا يحسن التمييز ببن الحق والباطل ولا يقيم الحجة التي تدحض باطلهم ولا يبين حجة الله التي أقامها برسله؛ فيحصل بذلك فتنة!) [12]
وهؤلاء (الليبراليون الإسلاميون) من المنتسبين للمدرسة العقليَّة يحاولون قدر الإمكان أن يستدلوا على صحَّة كلامهم بطرق عديدة، وهناك قضايا يكثرون الدندنة عليها بعضها صواب وحق ولكنَّهم يريدون بها باطلاً، ومنها:
1ـ تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان.
2ـ رفع الحرج؛ بحجَّة عموم البلوى المنتشرة.
3ـ الضرورات تبيح المحظورات.
4ـ مفهوم التيسير في الدين.
5ـ المقاصد الشرعيَّة.
¥