تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن وقائع التاريخ الإسلامي وحقائقه ـ وهى وقائع وحقائق. . وليست نظريات ـ تقول:

* إن الدعوة الإسلامية قد مكثت بمكة ثلاثة عشر عاما ـ أي أكثر من نصف عمر هذه الدعوة ـ يتحمل أهلها كل صنوف العذاب والتعذيب والحصار والفتنة فى الدين، دون أية مقاومة مادية لهذا العذاب والتعذيب. . بل إن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم كان يدعو للذين ينزلون به وبالمؤمنين هذا العذاب فيقول: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"!!.

* وإن الهجرة الإسلامية من مكة إلى المدينة ـ_ وكذلك الهجرات التي سبقتها إلى الحبشة ـ كانت تهجيرا قسريا واضطراريا، وإخراجا من الديار ـ وليست خروجا طوعيا ـ وإنها قد تقررت وتمت عندما بلغ التآمر الوثني ذروته، بقرار ملأ قريش وصناديد الشرك أن يسجنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يقتلوه، أو يخرجوه من وطنه (وإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) [الأنفال: 30] .. وجميعها خيارات تعني "الإعدام" .. فالسجن إعدام معنوي. . وكذلك الإخراج من الديار إعدام بالحرمان من المجال الحيوي للحياة!

* وإن الدولة الإسلامية ـ تحت القيادة النبوية ـ إنما مارست القتال دفاعا عن الدين ضد الذين فتنوا المسلمين في دينهم (والْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ) [البقرة: 191]، وضد الذين استفزوا المسلمين فأخرجوهم من ديارهم .. والإخراج من الديار معادل للقتل والإعدام (ولَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ) [النساء: 66].

ولذلك، جاء الإذن بالقتال صدا للعدوان الذي مارسه المشركون، ورفعا للظلم الذي وقع بالمسلمين المظلومين (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) [الحج: 40،39] .. بل وانحصر هذا القتال الإسلامي فى صد هذا العدوان على الدين والوطن فقط لا غير (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وبَيْنَ الَذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً واللَّهُ قَدِيرٌ واللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (7) لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ (8) إنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وظَاهَرُوا عَلَى إخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ومَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة: 7 – 9].

* وفى هذا القتال الدفاعي ـ الذي دارت أغلب معاركه حول "المدينة" عاصمة الدولة الإسلامية ـ دفاعا عن الدين والوطن ضد المشركين ـ الذين زحفوا للعدوان عليهما ـ سن الإسلام دستورا أخلاقيا للقتال ـ قبل أربعة عشر قرنا من معرفة البشرية لمواثيق أخلاقيات القتال ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اغزوا باسم الله، فى سبيل الله، تقاتلون من كفر بالله [أي من المشركين المعتدين ـ لا تغلٌّوا [أي لا تخونوا] ولا تغدروا، ولا تمثلوا [أي لا تمثلوا ببدن الخصم بعد قتله] ولا تقتلوا وليدا "، "ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والولدان" رواه مالك في "الموطأ" .. ومسلم في الصحيح.

ولقد صاغ الراشد الأول أبو بكر الصديق [51 ق. هـ ـ 13هـ / 573ـ 634م] هذا الدستور لأخلاقيات القتال فى وصاياه العشر لقائد جيشه "يزيد بن أبى سفيان" [18هـ / 639 م] وهو ذاهب إلى الشام لتحرير أرضها وشعبها من الاستعمار الروماني، فقال له:

"إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله، فذروهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له. . وإني موصيك بعشر:

1 ـ لا تقتلن امرأة ..

2 ـ ولا صبيا ..

3 ـ ولا كبيرا هرما ..

4 ـ ولا تقطعن شجرا مثمرا ..

5 ـ ولا تخربن عامرا ..

6 ـ ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ..

7 ـ ولا تحرقن نخلا ..

8 ـ ولا تفرقّنه ..

9 ـ ولا تغلل ..

10 ـ ولا تجبن .. " رواه مالك في "الموطأ".

http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=39882&Page=1&Part=10

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير