تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ما يتعارض معه فى موضع غيره. وهذا نص ما قال: " C'est là que Zacharie appela son Seigneur et dit: "Mon Seigneur! Donne-moi de ta part une bonne descendance". إذن فالدعاء إلى الله كان من أجل الولد لا من أجل الحليف أو الصهر. وحتى لو حصرنا انفسنا فى سورة"مريم" فإن قوله تعالى لزكريا ردا على ابتهاله: "يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا" معناه أن زكريا كان يريد ولدا لا حليفا أو صهرا، وإلا لقال له سبحانه إنه يبشره بحليفٍ أو صهرٍ اسمه كذا. ثم هل الحصول على حليف أمر من الصعوبة إلى هذا الحد حتى يسبب له كل ذلك القلق؟ أما الصهر فليس له فى حالتنا هنا محل من الإعراب، فزكريا لم يكن فى سن تسمح له بالزواج والمصاهرة، كما لم يكن عنده ابن أو بنت يمكن أن يصاهره الآخرون بسببه أو بسببها.

ومن ثم فإن ترجمة كازيميرسكى وحميد الله وشوراكى ومجمّع الملك فهد بالمدينة المنورة مثلا لها بـ" un descendant" هى ترجمة صحيحة، ومثلها ترجمة د. صلاح الدين كشريد ود. زينب عبد العزيز: ": un successeur خليفة". وفى الترجمة السعودية نقرأ فى الهامش ما يلى: " Un descendant: qui hérite du savoir et de la sagesse des prophètes ". أى أن زكريا عليه السلام دعا ربه أن يهبه ولدًا يأخذ عنه ميراث النبوة من علم وحكمة. أما جروسجان فقد تصرف فيها وترجمها بمعناها المباشر، وهو " un fils: ابن"، وهى ترجمة صحيحة على طريقتها.

وفى ترجمة الدكتور لقوله عز شأنه مخاطبا مريم عليها السلام: "وهُزِّى إليك بجذع النخلة تُسَاقِطْ عليكِ رُطَبًا جَنِيًّا" نراه يؤديها بما يعنى أن الله هو الذى يُسْقِط عليها ذلك الرُّطَب، مع أن الآية المثبتة فى المصحف الذى بين يدى د. الذيب تقول إن النخلة هى التى كانت تساقطه عليها ذلك. لقد برر الدكتور فعلته بأنه اتبع القراءة التى تقول: "يُسْقِط عليك رطبا جنيا"، لكنه تبرير غير مقبول ولا مفهوم، إذ هو يترجم النص الموجود أمامه، فكان حقا عليه الالتزام بما فى النص، وأمامه مندوحة فى الهامش يقول فيها ما يشاء. وأخشى أن يكون فى هذا الذى صنع ما يستوجب وصفه، على سبيل الحقيقة لا على سبيل المجاز، بالعبارة المشهورة التى تقول: "المترجم خائن"! قد يقال إن الأمر أبسط من ذلك، بيد أننى أرى فيه نزولا من المترجم على حكم نزوته، وهو ما ينبغى أن يحاربه فى نفسه بكل قواه، لأنه محكوم فى عمله بقواعد علمية وأخلاقية لا ينبغى له أن يتجاوزها ويسير على هواه، وإلا اضطربت الأمور وتشابكت الخيوط وجرؤ المترجمون مع الأيام على ما هو أكبر من ذلك دون أن يطرف لهم جفن أو تعتريهم خالجة من ندم.

كذلك نراه ينقل قول الحق سبحانه، على لسان قوم مريم لها حين رَأَوْها تحمل طفلا رضيعا دون أن يسبق لها زواج: "لقد جئتِ شيئا فَرِيًّا على النحو التالى: " Tu as commis une chose fabuleuse"، مستخدما كلمة " fabuleuse: ( أى شيئا) خرافيا" للدلالة على استغرابهم وتعجبهم، وتاركا الكلمة التى استعملها حميد الله، كما ذكر هو بالهامش، وهى كلمة " monstrueuse: بشعا"، التى استخدمها كذلك كل من بلاشير وماسون والترجمة السعودية، وكذلك جروسجان، وإن كان قد استعمل صيغة المذكر لأنه ترجم كلمة "شىء" المؤنثة فى الفرنسية بـ": ton acte عملك"، وهو اسم مذكر. وتعليقى على ترجمة الدكتور سامى هو أن " fabuleuse" تعنى، فيما أفهم، الشىء المدهش الذى لا يكاد يصدَّق "لِحُسْنه"، اللهم إلا إذا ظننا أن قومها كانوا معجبين بإنجازها هذا العجيب، إذ حملت وأنجبت دون زواج، وهو ما لا يمكن أن يقع إلا فى مسرحية هزلية. أما الـ" monstrueuse" فهو الشىء الغريب القبيح الذى يبعث على الكراهية والاشمئزاز. أما سافارى وكازيميرسكى فقد وصفا ما فعلته مريم بأنه " étrange: غريب". وفى ترجمة إدوار مونتيه: " extraordinaire فيما قال جاك بيرك: ": épouvantable فظيعا/ مروِّعا". وقد يمكن أن نستعمل أيضا فى ترجمة "فريًّا" كلمة " scandaleuse: فاضحا/ مخزيا" للتعبير عن الإدانة والاشمئزاز. أما لدى كشريد فنجد " quelque chose d'abominable وأما زينب عبد العزيز فتقول: " quelque chose d'ahurissant". وعند الصادق مازيغ (التونسى) نجد كلمة واحدة لعبارة "شيئا فريا" كلها، وهى ": une infamie

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير