تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) " فيأتى الأوباش الذين يصدعوننا بالكلام عن تسامح النصارى وتهذيبهم وأدبهم على عكس المسلمين الذين يزعمون أنهم يفتقرون إلى الذوق واللياقة، فيقولون: "وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً (يملك المال) أَنْ ينيك المتزوجات الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللات أعرف بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَنيكوهن بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (نيك وادفع) متزوجات غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى نيك المتزوجات مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللات غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) ". ونحن لا نشاح فى وجود نصارى كثير ين مهذبين نحبهم ويحبوننا، ونجاملهم ويجاملوننا، ونعيش معهم على الحلوة والمرة جيرانا وزملاء وأصدقاء، وهؤلاء على العين وعلى الرأس. إلا أن كلامنا الآن مع صنف آخر نجس يتسم بالصفاقة والجلافة وقلة الأدب، وهو فوق ذلك صنف عامى غير مصقول وجاهل. فليعذرنا القراء، فإن لكل صنف من البشر أسلوبا من التعامل يلائمه ولا يصلح له سواه.

وبالمثل يقول ربنا عز شأنه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ الله كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً (43) لكن الأوباش يقلبون الآية على النحو التالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً (ضاربين عشرات) إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الخرى أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللات كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً (43) " ... وعلى ذلك فقس سائر ما صنعوه مع كتاب الله الذى لا يضره هذا الذى اقترفوه ولا مليار شىء مثله، إذ هو كتاب طاهر لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يعلق به شىء من هذا الدنس. أما الأوباش فيذكّروننى بقول بشّار بن بُرْد لإنسان تطاول عليه، ففكر أن يرد تطاوله بمثله لكنه لم يجد شيئا فى عِرْضه يمكنه أن يناله لأن كل ما فى عِرْضه دنس نجس، فتركه وهو يقول: "اذهب، فأنت عتيق لؤمك". أى أنك قليل الأصل لا يصح أن أنزل إلى مستواك فأبادلك سبابا بسباب، إذ إن عرضك كله وسخ قد بلغ الغاية التى ليس بعدها غاية فى الوساخة، ومن ثم لا يزيدك السباب وساخة أخرى. وعلى هذا فنحن لا نبادل عملهم هذا بعمل مثله فلا نفكر فى التعامل مع كتابهم بذات الأسلوب، لأن كتابهم ممزق العِرْض على الآخر، وغير أهل للثقة، ومملوء بالتحريف والتزييف، فما الذى يمكننا أن نزيده من هذا الجانب؟ لقد سبق أن قلت إنهم خراف يعبدون خروفا، فهم عريقون فى الخِرْفَانيّة. وهذا يكفى، ولا يحتاج إلى مزيد!

* * *

وكثير من العبارات التى استبدلها الأوباش بعبارات القرآن أو فسروها بها تدل على جهل مدقع وذهنية عامية غليظة: فعلى سبيل المثال نراهم قد غيروا قوله تعالى: "قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينّك قبلة ترضاها" إلى "قَدْ نَرَى تغيير وجهة نظرك فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا". وتقليب الوجه فى السماء دعاء وابتهالا إلى الله شىء، وتغيير وجهة النظر شىءآخر، لكن العوام من البهائم لا يفقهون! كذلك فإن كلمة "المحصنات" فى الآية التالية لا تعنى أبدا "المتزوجات"، إذ الإسلام لا يبيح ما يبيحه القساوسة من الاعتداء على أعراض المتزوجات عند مجيئهن إليهم فى ظلام الكنيسة للاعتراف لهم بذنوبهن. يقول الله تعالى: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير