أما في كتابه الجديد فأكد الكاتب على حق غير المسلمين و"المنسلخين من الاسلام" في التعبير عن وجهة نظرهم .. وطعن في الاحكام الفقهية التي تبرر معاقبة المرتدين (عن الدين) بالقتل وبرر حرب أبي بكر ضد مرتدي عصره بكونها حربا سياسية هدفها المحافظة على "الوحدة الجغرافية" للدولة الناشئة التي عين على رأسها ..
وقد كان الطالبي في موقفه هذا عقلانيا الى حد كبير .. وقدم اجتهادا قد يرفضه الاصوليون الذين قد يفتون بقتله بدوره؟؟ لكنه سرعان ما تراجع واتهم الذين يقدمون قراءات عقلانية مغايرة لتاويلاته بكونهم من "الصنف المقنع" من "الانسلاخ اسلاميين" (أي المنسلخين من الاسلام؟؟) .. و"بالغش والدسيسة" .. (هكذا؟؟) واعتبر "هتك قناعهم" فرضا دينيا .. ؟؟ ثم أسهب في شتمهم واتهامهم وتحقيرهم .. والتشكيك في كفاءتهم العلمية وطعن في عقيدتهم وايمانهم .. باسلوب لم تعرف به كتابات الطالبي ذات الصبغة التاريخية والثقافية .. عن الاغالبة والعهد الاسلامي الاول .. رغم ما عرفت به بعض كتاباته السياسية الجديدة بدورها من توتر .. مقارنة بكتاباته ومواقفه الموالية للمؤسسات الرسمية لما كان مسؤولا في وزارة الثقافة واستاذا في شعبة التاريخ بكلية الاداب والعلوم الانسانية.
* "الاسلام بين الرسالة والتاريخ"
وليس المقام هنا لاعلان موافقة كل ما جاء في الكتاب الجديد للطالبي أوكتب خصومه وخاصة كتابي "الاسلام بين الرسالة والتاريخ" للاستاذ عبد المجيد الشرفي. و"الفكر الاسلامي في الرد على النصارى الى نهاية القرن الرابع هجري العاشر ميلادي" ... ومن حق الاستاذ الطالبي وغيره أن ينتقد كتب الشرفي علميا وبأسلوب أكاديمي وهادئ بالقوة التي يريد ..
لكنه قد يكون فوت على نفسه وعلى خصوم الشرفي هذه الفرصة .. لما رد على كتاب تناول السيرة النبوية وملفات الوحي وأولويات العقل على النقل (أو العكس) بأسلوب الاتهامات العقائدية والفقهية ومنطق التكفير .. أي بمنهج يقصي الآخر .. عوض أن يتحاور معه .. خاصة عندما يتعلق بباحثين وكتاب في حجم عبد المجيد الشرفي (أو محمد أركون وهشام جعيط وعدد هائل من الباحثين العرب والمستشرقين .. ) تحركوا دائما من منطلق الدعوة للاجتهاد والعقلانية في قراءة التراث والمرجعيات الدينية وتطورات التاريخ السياسي والاجتماعي والفقهي في العالم العربي الاسلامي وفي بقية الدنيا .. مع الانتساب الى الفضاء العربي الاسلامي الكبير .. أو تأكيد عدم عدائهم له ولشعوبه بخلاف بقية منظري الاستعمار القديم والجديد ..
* التشكيك في مواقف فلسفية تبناها الشرفي وأركون
وقد خصص الكاتب 7 فصول كاملة من كتابه للرد على "الانسلاخ اسلامية" مع عنونة بعضها بجمل فيها اسم عبد المجيد الشرفي .. وذكر اسمه اسم مؤلفه (الاسلام بين الرسالة والتاريخ) مرارا .. مع تسمية محمد أركون والاستدلال ببعض مقولاته "الخطيرة" في اكثر من موقع .. والتشكيك في نزاهته وصدق ايمانه بدوره .. خاصة عندما تعرض الى محاضرة القاها في واشنطن .. بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وبدء مسلسل جديد من الهجمات الاستعمارية الامريكية والحليفة على العالم العربي الاسلامي .. فاتهمه بالولاء للمخطط الاستعماري الامريكي الجديد .. ؟؟
وقد غاب عن الاستاذ الطالبي أنه بدوره اتهم مرارا بالولاء "للاجنبي" بسبب بعض محاضراته ومداخلاته في عواصم أوروبية .. وفي هيئات سياسية لها اجندا خاصة بها .. تلتقي أحيانا مع اجندا الادارة الامريكية بزعامة بوش الابن حليف المستعمر الاسرائيلي الأقوى منذ 2001 ..
* سجال عقائدي .. أم أكاديمي؟
وقد بدا الكتاب في فقرات عديدة شيقا .. لأن صاحبه اعتمد فيه منهجا سجاليا مع كل الافكار التي عبر عنها الشرفي وأركون و"تلاميذهما المغرر بهم " (مثل الجامعية التونسية نايلة السليني) .. فيما يتعلق بـ"تاريخية التفسير القرآني والعلاقات الاجتماعية من خلال كتب التفسير" ..
واعتبر الطالبي أن خصومه تاثروا بمستشرقين "جهلة" من أمثال المستشرق الفرنسي رادينسون Radinson مؤلف كتاب عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم اختار له تسمية "مهومات" Mahomet .. وقد عاب الطالبي عليه وعلى أمثاله من المستشرقين ـ وهو محق في ذلك ـ لانهم يتعمدون تشويه اسم الرسول محمد .. مثلما شوهوا اسماء عدد بارز من كبار العلماء العرب والمسلمين مثل ابن سينا والخوارزمي وابن رشد .. الخ.
¥