تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولأن المنهج البراجماتى يقوم على صنعة التسويق، فقد وقع الكثيرون من الدعاة والمتصدرون لدعوة الإسلام فى هذه الفخاخ المنهجية، وبات كل منهم يسوق للحكم الإسلامى من خلال هذا السياق النفعى ولكن من منطلقات متعددة، فمنهم الغافل الذى قد يخفى عليه مثل هذا الخلل الأصولى، إما بسذاجة مفرطة أو بسبب الحرص الزائد على دعوة المسلمين لأحكام الشريعة، وقد يصدر هذا الأمر من بعض المنظرين الإسلاميين بمنهجية منظمة تهدف إلى تغيير الصورة النمطية للإسلام كمصدر للحكم والتشريع فى المجتمع، واخراجه من التابو التقليدى المترسخ فى أذهان الكثيرين من الرافضين لمرجعية الدين فى المجتمعات الإسلامية، من أنه سلطة إلهية دينية اقصائية لا مجال فيها لتعدد الآراء وتلزم الناس بما لا يفهموه، حرصاً من نفسه على "تلميع" الإسلام وتحويله لسلعة تلقى القبول، فيقوم بربطه بالمنافع والمصالح التى هى لغة العصر ولا يفهم العالم سواها، وهى الأساس الوحيد الذى تقوم عليه صناعات العالم الحر فى مجالات الحكم المدنى والإقتصاد والسياسة.

وقد يروج بعضهم للإسلام البراجماتى النفعى من منظور مؤامراتى بهدف تفريغه من محتواه وتحويله لنظام حاكم غير ملزم لا يحظى بالشمولية فى تناوله لكل قضايا المجتمع، وبعد تفريغه من صبغته الدينية لا تعترف السلطة المجتمعية بالجزاء الآخروى كوسيلة من وسائل الإلزام وتقييد الناس بأحكامه، فيصبح المنهج الإسلامى مجرد "إيديولوجية" من جملة الإيديولوجيات التى تعج بها أسواق العالم ومعارضه المفتوحة أرضاً وسماءً، لانتقاء الأمثل والأجدر بتطبيقه كنظام حاكم للمجتمعات.

بكل أسف نحن لازلنا نقف عند عتبة متأخرة فى طريق العودة إلى الحكم الإسلامى الصحيح، فالدعوة إلى تطبيق الشريعة قد تم ربطها من خلال حرفية إعلامية مزورة بمجموعة من السلبيات والتجارب الفاشلة فى القديم والحديث، ارتبطت نفسياً وذهنياً بصورة نمطية عن الحكم الإسلامى، لا تدعو إلا للقمع والترويع والمصادرة، قد تقلصت فيها السلطات المدنية لحساب الإستبداد. ويعمد المنتقدون للحكم الدينى الإسلامى إلى سلة التاريخ فيستعيدون بانتقائية متطرفة بعض المواقف والأحداث الخاطئة يدلون بها على "فشل" الإسلام كنظام حاكم، متناسين بجهل أو تزوير متعمد أن تلك الحوادث طرأت على نظام شامل متقن ولم تكن أصلاً، وأنها تحسب فى عمومها وتفاصيلها على أهواء الأفراد وتقصير الشخوص، ولا يمكن ربطها تحت أى منهجية علمية محايدة إلى أصل لاتشريع ولا إلى آلية تطبيقه النزيهة!

الحقيقة تشهد أننا لازلنا ندعو للإسلام بين أظهر المسلمين! وهى حالة لم يشهد لها التاريخ الإسلامى مثيلاً، إذ أن تاريخ المسلمين قد تلازمت حوادثه وأحواله مع شوكة قوية للإسلام وأهله، لم ير الناسُ فيه الإسلام على مقصلة الأعداء والمنافقين ينحرونه ويبترون أطرافه بحسب الأهواء، وإنما كان الإسلام عزيزاً فعزت سلطاته، وسما فوق الأهواء فاتسعت رقعة حكمه. نحن بحاجة للترويج للحكم الإسلامى فى ديار المسلمين على أساسه الدينى المحكم، والذى يعطيه التميز والتفرد فى استخلاص الأحكام وارتباطها بالجزاء الآخروى وآلية تطبيقها على أرض الواقع بحيادية و داعٍ أعلى لشيوع العدل بين الخلائق، ويلازم ذلك ضرورة التخلص من التأثير السلبى -الذى صار منهجياً- لمفاهيم المنفعة والتسويق والتلميع لأحكام الإسلام، لأن من شأن ذلك الأسلوب أن يمسخ الصورة العامة للحكم الدينى ويحولها لمجرد مجموعة من المنافع والمصالح تحكمها العادة والقبول وقد يرفضها الهوى والذائقة الشخصية.

مفروس

ـ[الجندى]ــــــــ[02 Mar 2008, 10:16 م]ـ

الفلسفة / الفكر البراجماتى له أوجه عديدة من الناحية الفكرية الفلسفيه كنشأة، وتعددت المعانى فى تطبيقاته على الأمور العلمية والعقدية، وليس من الصواب ربط الفكر البراجماتى بمعنى المصلحة فحسب، لأن هناك أوجه أخرى تضيف معان فكرية جديدة للممارسة، خاصة فى مجال المعرفة والتعامل مع مفهوم "الحقائق" وعلاقتها بالـ "واقع"!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير