تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بكل صراحة ووضوح، في بلادنا فريق ممن يعتبر نفسه من النخب، ولا يرى في تلك الكاريكاتيرات إساءة! فهو ممن يشاركون في الإساءة إلى الإسلام دينا وحضارة ونهجا، ويدعو إلى سواه، حتى ولو وجد المواطنين من غير المسلمين في البلدان الإسلامية -وهم ذريعته في كثير من الأحيان- وقد صاروا نتيجة الممارسات الغربية، أحرص منه على التمسك بأسباب العودة إلى نهوض حضاري إسلامي، وما ينطوي عليه ذلك من ضمان حرية العقيدة وسواها.

وفي بلادنا فريق متشنج يتحرك تحت العنوان الإسلامي وهمه أن يرد الصاع صاعين لكل مسيء، وغالبا ما لا يصنع ذلك إلا كلاما يجعله على مستوى العدو المسيء، أو عنفا -ولا نتحدث هنا عن المقاومة المشروعة- يقترب به من سلوكيات عدوه المسيء بأساليب وحشية.

وفي بلادنا فريق اعتبر الكلام في المؤتمرات هو العمل، فهو ينتظر انعقاد المؤتمر التالي ليعلن موقفا، ثم يعود إلى وظيفته أو عمله أو موقعه الرسمي أو غير الرسمي، دون أن يبني على موقفه تصرفا عمليا، ثم يتساءل أين سواه ليترجم موقفه إلى عمل؟

وفي بلادنا فريق يريد أن يكون الموقف أي موقف، والتحرك أي تحرك، والإجراء العملي أي إجراء، تحت رايته هو دون سواها، رايته التي عاش لها مثلما عاش سواه لرايته.

فأوصلنا التمزق إلى مزيد من التمزق مع الهوان: تشدد إسلامي يُقصي سواه، وقد يجعلنا إسلاميين ومسلمين ومسيحيين وسنة وشيعة ومعتدلين ومتطرفين، ولكن لا يجعلنا "أمة"، أو تعصب قومي يجعلنا عربا وأكرادا وأتراكا وباكستانيين وإيرانيين وأفغانا وأوروبيين، ولا يجعلنا "أمة"، أو أصوليةً علمانية تجعلنا حداثيين ومتنورين ورجعيين وتقدميين وليبراليين وأميركيين ومتزمتين وتطبيعيين ومقامرين ومغامرين وعقلانيين ومتهورين، ولا تجعلنا "أمة".

الجماهير جديرة بقيادات بديلة

أو لسنا نسيء إلى أنفسنا أضعاف ما يسيء سوانا إلينا، ليس بكاريكاتيرات فاحشة فحسب، بل بالقتل والتدمير في عقر دارنا، والاحتلال والاغتصاب لأرضنا وثرواتنا، واستحلال دمائنا ونفطنا ومائنا وأجوائنا وأرواح أطفالنا ونسائنا وشيوخنا وشبابنا.

إساءتنا هي الأكبر، لأن تجاوز ما نحن فيه، أول شروط مواجهة ما "يصنع" بنا من خارج نطاقنا، سواء كان بطريق المواجهة، فلا مقاومة فعالة دون أن تقوم على التكتل، ولا حوار مع الآخر يجدي إذا انعدم أو انعدم مفعوله فيما بيننا.

لن يتوقف مسلسل الإساءات على اختلاف أنواعها ودرجاتها ومصادرها، إلا عندما تتوقف عملية الانتحار الذاتي التي نمارسها منذ عقود وعقود، ونتحول إلى درب التلاقي على أرضية مشتركة وبناء النهوض المشترك.

وبداية المسؤولية عن سلوك هذا الطريق هي -بكل صراحة ووضوح- عند من يعتبرون أنفسهم نخبا، وإلا فإن صحوة الجماهير الشعبية من الموات -رغم المآخذ عليها ومع عدم إسقاط المسؤولية الفردية عن أحد- فيها ما يضمن بإذن الله أن تخرج من الصفوف قيادات أخرى، تتجاوز قيادات هذا الجيل الموشك على الرحيل.

ولا تكون هذه القيادات على غرار قيادات الجيل القديم، فتأبى التفرقة التي خلفها، والهوان الذي عجز عن رده، وتتحرك تفكيرا وتخطيطا وتنفيذا وعملا وتطويرا على الطريق الصحيح، طريق النهوض الحضاري المشترك، وطريق المقاومة الواعية، وطريق الأرضية المشتركة بين مختلف التوجهات، على قواعد للتعامل ملزمة الجميع، باقتناع الجميع.


نبيل شبيب: كاتب سوري

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[06 Mar 2008, 01:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله في الأخ الفاضل على هذا المقال المتميز بواقعيته من حيث الطرح بصفة عامة ومن حيث الجزئيات التي وقف عندها
إن الخطأ فيما يقع يرجع إلى عدة أسباب من الطرفين فأكثر الناس في الغرب حين يتحدثون أو يرسمون رسول الله صلى الله عليه وسلم يستوحون ذلك من سيرة وصور السفهاء من أبناء أمتنا المسيئين إليها باسم الدين الحنيف وباسم رسول الله الذي جاء رحمة للعالمين على أن في الغرب منصفين بل إن كبار علمائهم ومفكريهم كثيرا ما يدخلون إلى الإسلام في نهاية المطاف وأن الجهلة منهم هم الذين يتصرفون هذه التصرفات المتجاوزة لحدود الحرية في الرأي والتعبير كما أن المسلمين من جهتهم قصروا في القيام بالواجب الذي يفرض استعمال كل الوسائل الممكنة لإعطاء الصورة الحقيقية عن الإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام ...
للحديث بقية

ـ[مصطفى علي]ــــــــ[06 Mar 2008, 10:02 ص]ـ
وفيه بعض القاط التي أرجو توضيحها مثل:
فأوصلنا التمزق إلى مزيد من التمزق مع الهوان: تشدد إسلامي يُقصي سواه، وقد يجعلنا إسلاميين ومسلمين ومسيحيين وسنة وشيعة ومعتدلين ومتطرفين، ولكن لا يجعلنا "أمة"،

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير