تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثالثًا: "ليس فيه تحريم لغير الطريقة التي صلى بها" أي أن هذا يساوي في النهاية بين أنواع الصلوات وهيئاتها كلها .. ويسجل الشرفي "أن عدم تنصيص القرآن على عدد الصلوات وعلى كيفيات أدائها مقصود، ولم يترك بيانه عبثًا" من أجل الدخول إلى المرونة المزعومة التي تنسف الكيفيات والعدد والهيئات.

لكن ماذا لو كان هناك تنصيص قرآني على ذلك؟ هل كان ذلك سيجعله يرضخ له؟ أم أنه كان سيلقي الأمر على كاهل تاريخية النص واختلاف الإيقاع الزمني الذي "لا علاقة له بإيقاع زمن القروي والراعي والفلاح والتاجر البسيط، أو الحرفي التقليدي".

لا نفترض ذلك افتراضًا؛ بل لأن هذا هو ما فعله تحديدا مع عبادة أخرى هي الصيام، والتي توفر فيها "التنصيص القرآني" على الكيفية والوقت، ورغم ذلك نراه يقرر أن "الصوم يبقى أفضل من الإفطار ولكن الإفطار مع الفدية من الرخص التي من المفروض أن يتمتع المسلم بها من غير شعور بالذنب أو بالتفريط في القيام بواجبه"، أي أنه يتوسع في موضوع "الرخصة" لتشمل كل من لا يريد الصيام دون ضابط واضح، مع تقريره أن الصيام "أفضل من الإفطار! ".

لماذا أصلا يطالب بالتمتع برخصة الإفطار؟ "لأن الصوم يعطل الآلة الإنتاجية في وقت تعاني فيه أغلب المجتمعات الإسلامية من التخلف الاقتصادي"، لماذا إذن يكون الصيام أفضل من الإفطار حسب هذا المنطق؟!

وهكذا فإن الشرفي يقرر "أن الثبات المزعوم للعبادات في الإسلام إنما هو تكريس للانحراف عن معانيها" وإذا كان هذا ساريًا على الصلاة، والصيام، فإنه يطبقه أيضًا –وبشهية لا مثيل لها– على الزكاة، والحج، من باب أولى، مما لا داعي للدخول فيه.

إذن صل أدعياء التجديد إلى إلغاء العبادات والشعائر خطوة خطوة، وصلوا إلى هناك، وتسللوا على رءوس أصابعهم رويدًا رويدًا، إلى أن وصلوا إلى تفكيك الشعائر.

لكن هل يجب أن يثير هذا استغراب أي أحد؟ ألم يكن هذا متوقعًا منهم منذ البداية، رغم تطميناتهم وتأكيداتهم أن الأمر لن يصل إلى العبادات؟ لم يكن أدعياء التجديد الديني أكثر صدقًا وانسجامًا مع أنفسهم ومع منطلقاتهم، كما كان الدكتور الشرفي في هذه الحوارية .. لقد قال بصراحة ما كان الآخرون يتجنبونه، وهذا على الأقل إنجاز!

* نقلا عن موقع دار الفكر مع بعض التصرف

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير