أقول: لا أدري من أين جاء الدكتور بهذا التفسير لتعظيم حرمات الله .. وما دخل تصور المشركين للأله وتصور المسلمين وما هذا الشرود والجري بدلالة القصة؟!
فالشراح حين تكلموا في معنى هذه العبارة ذكروا أن معناها تعظيمهم للحرم والقتال فيه بمعنى أن أيّ مطلب سيطلبونه فيه الكفار عن القتال تعظيماً لحرمة البيت سأجيبهم إليه .. وبعضهم قال: تعظيماً لصلة الرحم، وهذا من صلب ديننا شاركنا فيه الآخرون أم لا ..
وقد كان هناك أمور كثيرة مشتركة لم يتكلم فيها النبي صلى الله عليه وسلم معهم مثل نصرة المظلوم وإسعاف الملهوف وخدمة بيت الله ونحوها لم يتكلم فيها معهم .. وإنما ارتضى أي مطلب منهم يؤدي إلى كف القتال ما دام فيه تعظيم لحرمات الله ..
ثم إن استدلال الدكتور بتنازل النبي صلى الله عليه وسلم عن تسميته بالنبي وعن وصف الله بالرحمن لا يصح؛ لأن هذا من خصوصياته كما قال كثير من العلماء بوحي من الله أما غيره فلا يجوز له أن يفعل ذلك ..
والدكتور مع كثير من قومه الكرام لم يتنازلوا عن وصف (الشرف) وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها على الشيخ ابن جبرين لرأي رآه في قضية آل البيت، ولم يقبل الدكتور وقومه إلا بتراجع الشيخ وبعضهم طالب بالاعتذار .. !
ولم أر الدكتور طالب بحوار حول هذه القضية وفتح باب النظر فيها .. وحتى لو لم يتراجع الشيخ ابن جبرين فهناك أمور مشتركة كثيرة جداً بينه وبينهم فلماذا ر فضوا هذا الرفض وثاروا هذه الثورة وأبوا إلا التراجع عن الفتوى؟
أما دين الله فلا بأس بالحوار في بعض الأمور .. بل أفهم من استدلال الدكتور بحادثة الحديبية أنه سيقبل يوماً بالغض من قدر نبينا صلى لله عليه وسلم وقبول فكرة حرية نقده من باب الفكر وهذا من أجل مصلحة الحوار .. !
يقول الدكتور: (لقد أجاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن هذه التساؤلات بما لا ينبغي بعدَ إجابةِ النبي صلى الله عليه وسلم عنها أن تُطرَح، بل لا يجوز مجرّدُ بقائها تَسَاؤُلًا؛ إلا عند أتباع القائلِ: "اعْدِلْ يا مُحَمَّدُ"، ممن يظنون أنفسهم أغْيَرَ على الدين وأَوْلَى به من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ!!)
أقول: ليت شعري هل يجرؤ الدكتور أن يقول من جنس هذا الكلام لمحاوريه من المخالفين له في الملة أو السنة ..
يتهم الدكتور مخالفيه أنهم من أتباع الحرورية المعترضين على حكمه صلى الله عليه وسلم.
وهذا منه لما ساء فهمه للنص وفسّره وبنى عليه قصراً من رمل أبيض ..
يقول الدكتور: (وإن وجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشتركًا بين التوحيدِ والوثنية جعله مُنْطَلقًا للصلح والحوار، كما في هذا الحديث الثابت، فقد شَرَع لنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ إيجادَ مُشْتَرَك بيننا وبين كل مخالف، وسيكون المشترَكُ بيننا وبين أهل الكتاب حينئذ أكثرَ من المشترك بيننا وبين الوثنيين)
أقول: من أين للدكتور أن النبي صلى الله علي وسلم وجد مشتركاً بين الوثنية والتوحيد!
بالله يا قوم هل يقول بهذا من عقل عن الله ورسوله؟!
هل هناك شيء مشترك بين التوحيد والوثنية؟!
والحق أن هناك بقايا من دين إبراهيم تمسك بها العرب أكدها النبي صلى الله عليه وسلم وقبلها وهي من صميم ديننا وجعلها ذريعة لدرء الفتنة وترك القتال .. دون أن يُفهم منه الضعف ..
والدليل على هذا كما قلتُ سابقاً أنه لم يعقب مجلس الصلح أي حوار بين المسلمين والوثنيين بل انطلق النبي صل الله عليه وسلّم في الدعوة واستغل السنوات في نشر الدين في أمان من القتال ووفر الجهد والمال العسكريين في الدعوة إلى الله ..
فأين هذا من ذاك ..
يقول الدكتور: (كما أنّ هذا الموقف النبوي يبيّنُ أنّ الحوار إذا لم يبدأ من المشترك، فإنه سينتهي إلى زيادةِ التباعد والعداوة. فلا ينبغي أن نبدأَ حوارًا إلا بعدَ أن نعرف آخر المشتركات، والتي بدأ بعدها الاختلاف).
أقول: لننظر في سنة النبي صلى الله لي وسلم هل بدأ حواره بالمشترك المزعوم، وأنقل ثلاثة مواقف:
الأول رساله النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى هرقل وفيها: (بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم
¥