تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أجل إن الحجاب الإسلامي – الإسلامي فقط – ليس مجرد تحد فقط بل هو غزو وبشارة في ذات الوقت، فالمرأة الغربية اليوم تعيش في أحلك أيامها، وأسوأ لحظاتها يقول بيير داكو "" لم يسبق للمرأة أن كانت مسحوقة ومنهارة وخامدة مثلما هي عليه الآن، ويمثل عصرنا أكثر العمليات دناءة في تاريخ المرأة، فالمظاهر خداعة، ذلك أن الفخ مموه على نحو يثير الإعجاب "" () "" إن الفخ قام بعمله على نحو ممتاز ... فالسمكة كانت جائعة، وكان يكفي إلقاء الصنارة في الماء حتى تنخدع بها "" () إن بيير داكو يلخص لنا حالة المرأة في الغرب بعبارة مختصرة، إنها حالة مأساوية مريرة. وقد بدأت المرأة تشعر بذلك، وبدأت تتململ من الضياع والعبثية التي خُدعت بها، حين حولتها الإمبريالية إلى جسد سلعي خاضع للتداول وسوق العرض والطلب، فتحول الجسد الأنثوي عبر نشاطه الجنسي إلى سلعة "" ضمن شبكة كبيرة ذات صيت عالمي، شبكة تمثلها شركات عابرة للقارات فوق قومية متعددة الجنسيات، وفّرت عروض أزياء لتظهر مفاتن الجسد ... ودعايات مصورة بألوان جذابة .. مجلات وجرائد تعرض مشاهد مختلفة تأسر الحواس ... وأفلام سينمائية وأشرطة فيديو، إنها إمبريالية الفيلم الجنسي " () فأصبحت المرأة أولاً وأخيراً جسداً تتفنن الثقافة الاستهلاكية في عرضه والمتاجرة به ()، لحساب الرجل، وانخرطت في لعبة كانت هي الخاسرة فيها، لأنها باعت أنوثتها دون مقابل، وكانت النتيجة: اليأس والإحباط ومتاهة الشعور بالدونية ()، ولذا فالمرأة الغربية ترى أن صورة المرأة المسلمة المحجبة صورة مثالية تتمنى لو يتاح لها أن تعيشها (). ولكنها ليست مهيأة لذلك فهي مكبلة بقيود ثقيلة، إنه إرث العلمانية المديد: تفكك أسري وضياع اجتماعي وأخلاقي، وعدمية فلسفية، وفردانية موحشة.

ومن هنا فالمرأة المسلمة في الغرب تؤدي بحجابها دور الداعية الصامتة، إنها ترفع شعار "" العالَم المتميز "" أو "" الكيان المستقل "" أو " الحمى المسيّج "، في مقابل " الكلأ المباح " الذي تمثله المرأة الغربية، فهي كيان مستقل عن عالم الرجال وعالم أنثوي متميز عن عالم الذكورة.

إن المرأة المسلمة بحجابها تحتكر أنوثتها وتمتلكها ولا تبددها في عالم الرجال، إنها تنطوي في داخلها على سرٍ يجب أن يظل مطمحاً لعالم الرجولة تهفو إليه الرجولة فلا تنال منه إلا بقدر ما يتحقق من سعادة وكرامة إنسانية مشتركة.

إن في المرأة جانبان: جانب عملي إنساني مشترك بينها وبين الرجل وهو دورها في الحياة والبناء والإعمار والمشاركة والعمل والعلم والإبداع.

وجانب آخر هو أنثوي غريزي تميزت به المرأة عن الرجل، وزودها الصانع عز وجل بمكونات الأنوثة فهي أم حنون وزوج رؤوم، وأنثى لعوب. والإسلام لا يريد لأيٍ من الجانبين أن يطغى على الآخر، فلا يريد المرأة المترجلة التي تكبت أنوثتها وتتحول إلى كائن قاس عنيف جلف.

ولا يريد المرأة الجاهلة العابثة التي تُحوّل نفسها إلى أداة للمتعة واللذة والإنجاب فقط ().

إن ما يصلح المجتمع هو المرأة التي يتكامل فيها الجانب العملي مع الجانب الأنثوي أو الجانب الوظيفي الحياتي مع الجانب الغريزي. وإن المرأة حين تقف إلى جانب الرجل في المعمل أو المخبر أو الوظيفة فهي تزاحمه بإنسانيتها وكفاءتها وليس بأنوثتها، وأنوثتها تظل ورقة مخفية مدخرة لا تمنحها للرجال إلا في الإطار المشروع، إطار البناء المشترك والمساواة والندية.

بينما المرأة السافرة الفاتنة ترمي بلحمها وشحمها أمام الكلاب الجائعة، والذئاب الغادرة، والثعالب الماكرة، وهي بسفورها ومفاتنها تدفع بكفاءتها وإنسانيتها وفاعليتها إلى الوراء وتدفنها في الأعماق، وذلك لأن صوت الغريزة واللذة أقوى من صوت العقل – غالباً – وأقوى من صوت الحرية والتحضر والضمير والأخلاق، هذه الشعارات الجوفاء التي تنادي بها العلمانية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير