تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفى مقدمة ترجمته لرواية "حضرة المحترم" المحفوظية التى نشرتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى 1987م يذكر د. رشيد العنانى بمنتهى الصراحة أن "أولاد حارتنا" هى "قصة رمزية متفردة فى تاريخ البشرية منذ الخلق أو التكوين وحتى عصرنا الحاضر، وفيها تُنْزَع عن أصحاب اليهودية والمسيحية والإسلام قداستهم ويتم تمثيلهم تحت ستار رقيق باعتبارهم لا يزيدون عن كونهم مصلحين اجتماعيين ناضلوا بأقصى جهدهم لتحرير شعوبهم من الطغيان والاستغلال. وثمة شخصية أخرى فى القصة الرمزية تمثل العلم الذى يتم إظهاره على أنه حَلَّ محلّ الدين، وعلى يديه تحقق فى النهاية موت الله" (عن "الطريق إلى نوبل 1988 عبر حارة نجيب محفوظ" للدكتور محمد يحيى ومعتز شكرى/ أمة برِسْ للإعلام والنشر/ القاهرة/ 1989م/ 18 - 19). وفى هذا السياق يحسن أن نشير إلى ما ذكره عبد الله المهنا من أن موت الإله هى فكرة فلسفية غربية كتب عنها نجيب محفوظ في بداية حياته مقالات عدة مستقاة من أفكار سلامة موسى (عبد الله المهنا/ دراسة المضمون الروائى فى "أولاد حارتنا"/ عالم الكتب/ الرياض /62). أما د. السيد أحمد فرج فقد أشار، فى هذا الصدد، إلى ما كتبه محفوظ فى ذلك الوقت من مقالات كثيرة عن المعتقد والجنس والعلم وفلسفة برجسون والبرجماتية العلمية والمجتمع والرقى البشرى والحياة الحيوانية والسيكلوجية ونظريات العقل وفكرة الله فى الفلسفة (د. السيد أحمد فرج/ أدب نجيب محفوظ وإشكالية الصراع بين الإسلام والتغريب/ دار الوفا/ المنصورة/ 1410هـ- 1990م/ 40).

وعلى نفس الشاكلة من التفسير لرواية "أولاد حارتنا" يقول فؤاد قنديل، وهو أيضا من المحبين لمحفوظ المثنين عليه أعظم الثناء، فى كُتَيِّبٍ له عنوانه: "نجيب محفوظ كاتب العربية الأول" (الثقافة الجماهيرية/ 1988م/ 28): "ألحت المشكلات الإنسانية والفكرية عليه وحاصره الحنين إلى الرواية فكتب "أولاد حارتنا"، التى نشرت فى "الأهرام" عام 1959، واحتج عليها رجال الدين، ولم تصدر فى كتاب إلا فى عام 1967 عن "دار الآداب" ببيروت. وهى تتناول ببراعة، وربما لأول مرة، علاقة الخالق بالإنسان وحيرة الإنسان بين قدره ورغبته فى البحث عن طريق تسطع عليه أنوار الدين والعلم والاشتراكية".

كذلك تعرض ستورى ألن سكرتير الأكاديمية السويدية التى منحت نجيب محفوظ جائزة نوبل لتفسير رواية "أولاد حارتنا"، ومبلغ علمى أن هذا الرجل السويدى ليس من خريجى الأزهر ولا يضع عمامة على رأسه ولا يجهل قراءة الروايات، بل قرأ منها الكثير والكثير. أليس خواجة؟ ثم إنه ليس فى لقبه "غزالى" ولا "شرباصى" ولا "سابق" ولا دياولو. فلنقرأ معا إذن الكلمات التالية التى قالها فى حفل توزيع جوائز نوبل: "وللقراء الكثيرين الذين اكتسبهم نجيب محفوظ من خلال الثلاثية بخلفيتها الواسعة التى تصور الحياة المعاصرة جاءت "أولاد حارتنا" كالمفاجأة، فهى تمثل التاريخ الروحى للبشرية. وقد قُسِّمَتْ إلى فصول بعدد سور القرآن الكريم، أي 114 فصلا. وشخصيات الإسلام واليهودية والمسيحية العظيمة تجىء متخفية لتواجه مواقف مملوءة بالتوتر. فرجل العلم الحديث يمزج بنفس الجدارة بين إكسير الحب وبعض المواد المتفجرة، وهو يتحمل مسؤولية موت "الجبلاوى" أو الإله، ولكنه يفنى. فهناك بريق أمل فى نهاية الرواية".

وبالمثل لا ينبغى فى هذا السياق أن ننسى الدراسة القيمة التى كتبها الدكتور إبراهيم محمد قاسم حول الرواية، وهو أستاذ للأدب والنقدبكلية اللغة العربية- جامعة الأزهر، وعضو عدد من الجمعيات العلمية والأدبية، وصاحب إنتاج متنوع فى ميدان الأدب والنقد، ومشرف على عدد غير قليل من الرسائل الجامعية ... إلخ. وهى دراسة علمية مفصلة تتناول تاريخ إبداع الرواية وتتحدث عن ظروف نشرها وتحلل مضامينها وتذكر ما قاله نجيب محفوظ وغيره فى الدفاع عنها وتناقشة مناقشة تفصيلية لا تترك شيئا فيه دون تقليب له على وجوهه المختلفة، مع إيراد الشواهد على كل رأى من هذه الآراء، كل ذلك فى منهجيةٍ نقديةٍ صارمةٍ وحرصٍ على الإحالة لكل ما رجع إليه من مصادر ومراجع لها صلة بالقضية والتزامٍ بالهدوء والموضوعية. وهو يرى ما يراه كل من قرأ الرواية بعيدا عن الاعتبارات الوقتية المحلية من أنها تعالج مسيرة البشرية منذ بداية الحلق حتى عصرنا الحديث، وترمز بالجبلاوى إلى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير