تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف: 97]

القول المختلف:

في الفقرة السابقة رأينا كيف ينجلي الكذب حينما تكون الرواية على سبيل واحدة وننظر الآن كيف يفتضح الكذب حينما تتضارب الآراء {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ} [الذاريات: 8] ومثاله قوله تعالى: {وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [25] قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ [26]} يوسف، تبين من قولها وقوله تضارب الآراء وتناقضها، فبقي الاستدلال العقلي سبيلا لكشف اللبس الذي غطى الموضوع وبعد انكشاف الأمر وافتضاحه يخاطبه الملك: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ [28] يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ [29]} يوسف.

وتمر يضع سنين ويأتي التحقيق في أمر سجنه وتقول زوجته قولتها التي لا تدع لبسا {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ [50] قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [يوسف: 51]

افتضاح الكذب والكذابين عموما:

تلك إذا بعض أمارات الكذب وسيمياء الكذابين. ونخلص من الموضوع بالمعادلة التالية

{إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل: 105] ما كان لكذاب أن يؤمن بهذا التخصيص ثم يمضي على دربه مكذبا بقوله تعالى: {لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: 67] والله سبحانه وتعالى للكذابين بالمرصاد وفق وعده سبحانه وتعالى: {وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: 72] ومن كان الله خصمه خاب وخسر؛ إذ الكذب أريد به مكر والمكر يعقبه مكر من الله بل الله أشد مكرا.

ما كان للكذاب أن يمر على وعدين دون أن بفتضح أمره وينكشف ستره:

وعد بإخراج ما كتم من الأمور + وعد بأن لكل نبأ مستقر = افتضاح الكذاب؛

الكذب ? الإيمان؛ {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]

مكر من العبد? مكر من الله = وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ = َمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ [فاطر: 10]

هكذا تنكشف آيات الله بينات لقوم يوقنون يعونها ويتدبرونها، وهكذا تتلازم علاقة الكذب بالافتضاح ولو بعد حين؛ إذ الكذب كلمة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار. تنشأ الكذبة وتبحث عن مستقر لها، فلما لم تجد لها قرارا، سقطت على وجه قائلها بالافتضاح ولو بعد برهة زمنية قد تصل على بضع سنين.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير