تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإذ يغتر الكافر بقوة عدده وعدته الحربية، مثلا: إسرائيل في زماننا؛ إذ جعلها الله أكثر نفيرا. فالنصر غير مرهون بقوة عدد وعدة، بقدر ما هو مرهون بنصر الله وفق وعده تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7].

من هنا كان النصر حليف حزب الله رغم ما أوتيت إسرائيل من قوة عدة وعدد سواء عند خروجها ذليلة من لبنان سنة 2000 أو عند حرب 2006 ...

هكذا نطقت السنن الإلهية، وهذا هو الواقع على أرض المعركة، فهل تغيرت المعطيات، وهل تبدلت العهود الربانية؟ رغم أن العقل لم يهتد لسبب انتصار ثلة من المؤمنين على جيش مدرب على أحدث التقنيات وأفضل الأسلحة الفتاكة والقنابل الذكية، طيلة أربعة وثلاثين يوما من المعارك ...

فهل نستجب لأمر ربنا بالضرب في الأرض تمعنا وتفهما واستنباطا لسنن كونية وقرآنية في الحياة، أم نلوي ولا نلتفت للأوامر الربانية؟ ألم يكفنا ما نعيشه من شتات وضياع حتى هبت الأمم علينا كالأكلة على قصعتها تستولي على خيراتنا وتسخرنا تسخير العبيد لمهامها؟؟؟

سنة الله في الكذب والكذابين

1 - الكذب آفة من لم يؤمن بآيات الله:

ما ترك الله الكون سدى ولا خلقه عبثا، وتعالى الله عن العبثية واللعب، فالله جعل لكل شيء قدرا، وكل شيء خلقه بقدر، وجعل لكل شيء أجلا.

والإنسان خلقه الله في أحسن تقويم، وجعل له السمع والأبصار والفؤاد، وزوده بنعمة العقل ليميز الخبيث من الطيب، وليكون على بينة من الأمر، وأرسل له رسلا تهديه سواء السبيل؛ فكان منهم المؤمنون برسالات الرسل ومنهم المكذبون بالدين.

والكذب آفة الإنس والجن، وفي هذا يقول سيدنا سليمان: {سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النمل: 27]

والكذب فكرة ارتجالية لم تدرس العواقب؛ ذلك لكون سنن الله جل وعلا تؤكد بأن: {لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: 67] وما كان لمن يؤمن بهذه الآية أن يتعمد الكذب والافتضاح يترصده لما لم تجد كذبته من مستقر لها إلا أن تلقى على وجهه ليفتضح أمره.

ومن سنن الله الإمهال ونستوحيه من مدلول لفظة سوف، هذا ما جعل الغفلة تنطلي على بني آدم وتنسيه ما لفظه من نبأ كذبا وزورا. وهذه السنة تؤهلنا لاستكشاف سبل الكذب وسيمات الكذابين:

{وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ} [محمد: 30]:

سيمياء الكذب والكذابين:

تزيين الهندام:

فشتان بين من يزين باطنه بالتقوى وخشية الله ومن يتزين للمخلوقات ظاهريا وهم ذئاب في ثياب {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ [المنافقون: 4]؛

تنميق القول:

ومن مظاهر النفاق اصطفاء العبارات واختيار أجمل القول وألطفه، لكونه حبيب القلوب؛ إذ تشد هذه المصطلحات آذان السامع ويحب استرسال الكلام الجميل: {وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4]؛

الهلع والضجر والخفة: فالكذاب يطلق الكلم على عواهنه دون أن يدرك عواقبه، ومن ثم تترصده خشية الافتضاح، فيضحي خائفا يترقب: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون: 4]

لحن القول:

الكذاب لاتهمه إلا النجاة في لحظته، فهو يستعمل ألفاظه دون سابق دراسة، ومن هنا تتصيده آفة اللسان فقد يأتي بالصدق ممزوجا كذبا وهو ما يأباه الواقع ويلفظه فتستبين الحقائق وتنفصم عن الزور والبهتان {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 30] ومثاله ما قصه علينا القرآن من قصة يوسف عليه السلام لنتلمس الكذب في لحن القول: {وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ [16] قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [17]} يوسف وما قولهم {وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين} إلا لحن القول الذي يترصد الكذاب ليزداد السامع يقينا في نظرهم، وما هو في حقيقة الأمر إلا سبيل كشف ألاعيبهم في نظر السامع ... حيث لبثوا بضع سنين وبعدما افتضح أمر يوسف عليه السلام جاءوا أباهم بقولهم {قَالُواْ يَا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير