تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يذكروننا بالنعمان بن مقرن قائد معركة نهاوند سنة إحدى وعشرين هجرية، وذلك حين بلغ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن الفرس قد جمعوا جموعاً كثيرة بلغت مائة وخمسين ألف مقاتل، فاستشار الناس لقائد يوليه ذلك الثغر ولهذه المهمة؟ وبعد تداول قال: والله لأولين أمرهم رجلاً ليكونن أول الأسنة إذا لقيها غداً، فقيل: من يا أمير المؤمنين؟ قال النعمان بن مقرن المزني، قالوا: هو لها!.

وكانت القوات الفارسية بقيادة الفيرزان، وقبيل بدء المعركة قال النعمان: إني مكبر ثلاثاً، فإذا كبرت الأولى، فليتهيأ من لم يتهيأ، ويشد الرجل نعله، ويصلح من شأنه، فإذا كبرت الثانية فليشدّ الرجل إزاره وليتهيأ لوجهته، وليتأهب لوجه حملته، فإذا كبرت الثالثة، فإني حامل إن شاء الله، فاحملوا معي، وإن قُتلت فالأمير حذيفة، وعد سبعة آخرهم المغيرة بن شعبة. ثم قال: "" الله اعزز دينك، وانصر عبادك، واجعل النعمان أول شهيد اليوم على إعزاز دينك ونصر عبادك، اللهم إني أسألك أن تُقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عزُّ الإسلام ""، أمّنوا يرحمكم الله.

قال المغيرة: والله ما علمت من المسلمين أحداً يومئذ يريد أن يرجع إلى أهله حتى يُقتل أو يظفر. وأثناء المعركة أُصيب النعمان فرآه أخوه نعيم، فسجاه بثوب وأخذ الراية قبل أن تقع، وناولها حذيفة بن اليمان، وقال المغيرة: اكتموا مصاب أميركم حتى ننتظر ما يصنع الله فينا وفيهم لئلا يَهِن الناس، ثم هزم الله عز وجل الفرس، وهرب الفيرزان فتبعه القعقاع فأدركه مع نعيم بن مقرن في ثنية همدان، وغسل معقل بن يسار وجه النعمان بن مقرن، فقال النعمان وهو بين الموت والحياة: من أنت؟ قال: أنا معقل بن يسار، قال ما فعل الناس؟ قال: فتح الله عليهم، قال النعمان: الحمد لله اكتبوا بذلك لعمر، وفاضت روحه، فقال معقل للجند: هذا أميركم قد أقر الله عينه بالفتح، وختم له بالشهادة.

ثم أسرع طريف بن سهم بشيراً بالنصر، وقال لعمر: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح أعز الله به الإسلام، وأذل الكفر وأهله، فحمد عمر الله عز وجل، ثم قال: النعمان بعثك؟ قال طريف: احتسب النعمان يا أمير المؤمنين، فبكى عمر واسترجع، وقال: ومن بعثك ويحك؟ قال طريف: فلان وفلان حتى عد له ناساً كثيراً، ثم قال له وآخرين يا أمير المؤمنين لا تعرفهم، فبكى عمر وقال: لا يضرهم ألا يعرفهم عمر، ولكن الله يعرفهم.

وسُمّيت وقعة نهاوند فتح الفتوح وفُتح بعدها: الري، وطبرستان، وأذربيجان، وكرمان، ومكران، وخراسان. ونحن نرجو من الله عز وجل أن يكون انتصار غزة فتح الفتوح في هذا العصر أيضاً، تفتح بعده القدس وغيرها من بلاد المسلمين إن شاء الله عز وجل. إن القادة أيها السادة الكرام حين يكونوا بمثل هذا المستوى من الشجاعة والإقدام، والحرص على النصر أو الشهادة، واقتحام الموت والأخطار فإنهم أهل للنصر ويستحقون ذلك الفتح، وبإذن الله عز وجل سيكون ذلك نواة لفتوح قادمة قريبة بعونه تعالى.

والأمل معقود بهمة السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد حفظه الله، فقد وقف وقفة صامدة مشرفة دائماً مع المقاومة، بالأمس في لبنان، واليوم في غزة المباركة، وعُقدت قمة الدوحة بجهوده وجهود أمير قطر لتكون سداً أمام المستسلمين، وتكلم السيد الرئيس بكلام يملأ العقل والسمع، وفي الوقت الذي كان مبارك يمنع جهود الإغاثة الدولية من الدخول إلى غزة، ويحبس الأطباء والمتطوعين والطائرات القطرية وغيرها على معبر رفح، وفي الوقت الذي كان محمود عباس يمتنع عن حضور القمة خوفاً من أن يُذبح من الوريد إلى الوريد، أين هذا الجبن من قول أبي ذر رضي الله عنه: " لو وضعتم الصمصامة على هذه – وأشار إلى رقبته – ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي r قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها "" وفي الوقت الذي كانت المبادة المصرية تُطبخ في تل أبيب كان السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد هو الرجل الذي يصول ويجول لإنجاح قمة الدوحة، ويبذل كل جهوده لإيقاف العدوان، ويقول بملء فيه: لا، لا للعدوان، لا للجرائم والمجازر، نعم وألف نعم للمقاومة، وهذا الموقف من السيد الرئيس يذكرنا بقول سيدنا عمر بن الخطاب "" يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم أن يقول: لا، بملء فيه "". وقد قالها رئيسنا دائماً، وكان شجاعاً وحكيماً في موقفه عندما

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير