تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الاكتشافات الأثرية: لقد ألقت الاكتشافات الأثرية الكثير من الضوء على تاريخ إبراهيم كما هو مذكور في التكوين (12 - 25) فالقوانين والعادات التي كانت سائدة في العالم في العصر الذي عاش فيه إبراهيم قد كشفت لنا عن أسلوب الحياة المذكورة في الكتاب. فالقوانين الكثيرة المتعلقة بالوراثة التي كشفت عنها الحفائر الأثرية في " نوزو" على نهر الدجلة تفسر لنا اهتمام إبراهيم بأن يكون له وارث، فبناء على تلك الشرائع كان يمكن للإنسان أن يتبنى خادماً أو عبداً ويجعله وارثاً شرعياً له إذا لم يكن له ابن، وفي هذه الحالة كان يجب على الابن بالتبني أن يعني بسيده، وأن يقوم بدفنه عند موته ويرث كل ممتلكاته وأن يحافظ على اسم العائلة. فإبراهيم كان يتصرف حسب قوانين عصره في اعتباره أليعازر الدمشقي وارثاً له (15: 2 - 4). وإذا ولد ابن بعد ذلك فإن الابن يلغي كل هذه الإجراءات ويصبح هو الوارث الشرعي. كما كان يمكن وجود وارث عن طريق جارية، فعندما ولدت هاجر جارية سارة إسماعيل، كان من الطبيعي أن يعتبره إبراهيم وارثاً شرعياً له (أصحاح 16) وظل إسماعيل - من وجهة النظر البشرية - مدة ثلاث عشرة سنة هو الوارث الشرعي لإبراهيم، مع أن الله قال لإبراهيم أن أليعازر الدمشقي لن يكون الوارث له بل سيكون له ابن، وعندما بلغ إسماعيل الثالثة عشرة من عمره، أعطى الله الوعد لإبراهيم محدداً بأنه سيكون له ابن من سارة (أصحاح 17) وفي ذلك الوقت أعطاه الختان علامة عهد لإبراهيم ونسله. ومع أن الختان كان يمارس عند شعوب كثيرة، ولكنه أصبح لإبراهيم وذريته علامة مميزة في علاقة عهد من الله.

تبين قوانين حمورابي أن الجارية أو السرية التي تلد ابناً لسيدها، لاتحل في البيت محل الزوجة العاقر، وفي نفس الوقت ليس للزوجة أن تطرد الجارية وابنها. وعندما سخرت هاجر من سيدتها، عاملتها بقسوة، فهربت إلى برية شور في الطريق إلى مصر، فأمرها الملاك بأن ترجع إلى مولاتها وتخضع تحت يديها، فعادت إلى بيت إبراهيم حيث ولدت إسماعيل (أصحاح 16). ولم يكن لإبراهيم الحق - حسب المألوف في ذلك العصر - في أن يطرد هاجر وابنها، ولكنه فعل ذلك بعد أن أمره الله بذلك (21: 12 - 21) ومع هذا الأمر وعد الله بأن إسماعيل سيكون أمة عظيمة.

كما أن مجموعة قوانين الحثيين تلقي الضوء على موضوع شراء إبراهيم للمقبرة من عفرون (أصحاح 23). ومع أن مجموعة القوانين الحثية التي اكتشفت في بوغازكوي عاصمة الحثيين في آسيا الصغرى ترجع إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، إلا أنه من الواضح أنها كانت سائدة عند الحثيين منذ القرن التاسع عشر قبل الميلاد. وتبين هذه القوانين الالتزامات الاقطاعية التي كانت تتبع عند بيع قطعة أرض بكاملها، فكانت تختلف عن تلك التي كانت تتبع عند بيع جزء منها. ومع أن إبراهيم كان يريد شراء المغارة فقط، إلا أن عفرون اشترط بيع الحقل كله، وبذلك نقل جميع المسئوليات والالتزامات الاقطاعية إلى إبراهيم. كما أننا نلاحظ نقل ملكية الشجر وهذا يطابق ماكان يجري في مثل هذه الحالات عند الحثيين (تك 23: 17).

إيمان إبراهيم: مع أن إبراهيم جاء من أسرة تعبد الأوثان (يش 24: 2 و 14) إلا أنه استجاب لدعوة الله له بالذهاب إلى أرض كنعان. وقد أعلن الله نفسه لإبراهيم مرات كثيرة، ولكن لا يذكر الكتاب كيفية الإعلان في كل مرة. ويذكر استفانوس ظهور الله لإبراهيم وهو في مابين النهرين، وأمره له بأن يخرج من أرضه ومن عشيرته إلى أرض كنعان (أع 7: 2).

في بعض الحالات تذكر كيفية إعلان الله نفسه لإبراهيم: " ظهر الرب لإبراهيم " ليعطيه الوعد بأرض كنعان له ولنسله (تك 12: 7)، كما ظهر الله في النار التي التهمت الذبيحة (15: 17). كما " ظهر الرب لإبراهيم " ليؤكد له الوعد كاملاً ثم " صعد الله عن إبراهيم " (17: 1 و 22). وأبلغ ظهور كان عندما استقبل إبراهيم ثلاثة رجال - كان أحدهم هو الرب نفسه - (تك 18: 1). وفي أثناء هذه الظهورات كان إبراهيم يخاطب الله وجهاً لوجه، ولذلك كثيراً ما نقرأ عن الله أنه إله إبراهيم. كما أن الرسائل كانت تعلن بواسطة " ملاك الرب "، وقد ساوت هاجر بينه وبين " الرب " (16: 1 - 14)، كما فعل إبراهيم نفس الشيئ (تك 22: 1 - 19

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير