تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

).

كانت نتيجة طاعة إبراهيم لله أن نشأت علاقة وثيقة بينة وبين الله , وقد بين إبراهيم إيمانه وثقته في الله بطاعته في الهجرة إلى كنعان والإنفصال عن عشيرته. ومن خلال المذبح الذي كان يقيمه في كل مكان يستقر فيه، كان يشهد بعبادته لله في وسط العالم الوثني، وكانت معرفته بالله تزداد بتتابع إعلانات الله له عن خطة الله لنسل إبراهيم مستقبلاً.

ومن مميزات إبراهيم ,أنه " آمن بالرب " فحسب له براً (تك 15: 6). ولإيمان إبراهيم وطاعته وشركته، قويت علاقته بالله حتى دعي " خليل الله " (يع 2: 23، إش 41: 2 أخ 20: 7).

كانت الصلاة جزءاً هاماً في علاقة إبراهيم بالله، فقد ارتبطت الصلاة بالذبيحة (12: 8، 13: 4). التي كان يقدمها على المذابح التي أقامها في الأماكن المختلفة في كل كنعان. وبالصلاة عبر إبراهيم عن اهتمامه العملي بمواعيد الله له (15: 4). وعندما طلب إبراهيم من الله أن يكون إسماعيل هو النسل الموعود به، استجاب الله طلبته بأن أكد وعده له مرة أخرى بأن الابن الموعود به سيولد له من سارة (17: 19). ويظهر سمو إبراهيم في صلاته التوسلية عندما أخبره الله بقضائه على مدن سدوم وعمورة، فحاج إبراهيم الله على أساس أن الله ديان كل الأرض لا بد أن يكون عادلاً، ومع أن مدن الدائرة قد دمرت، إلا أن الله أنقذ الأبرياء القلائل الذين كانوا يعيشون فيها. وفعالية الصلاة تظهر بوضوح في علاقة إبراهيم بأبيمالك، فقد أكد الله لإبيمالك أن حياته تتوقف على صلاة إبراهيم من أجله (20: 7). والإرشاد الإلهي عن طريق الصلاة يتجلى في اختبار عبد إبراهيم (أصحاح 24). ولا شك أن هذ العبد يعكس موقف إبراهيم من انتظار إرشاد الرب في كل خطوة لاختيار زوجة لإسحق، فقد عبر عن اتكاله على الرب بالصلاة، كما صلى شاكراً الرب الذي أنجح طريقه. كان مفهوم إبراهيم عن الله شاملاً وعملياً، فقد كان الله هو " الإله العلي مالك السموات والأرض " (14: 22) أو " الرب إله السماء " (24: 7)، وكانت قدرة الله المطلقة حقيقة عملية أكيدة في حياة إبراهيم، كما بدت في سيادة الله على نواميس الطبيعة في إعطاء إبراهيم ابناً (18: 13 و 14). وعندما تعرضت حياته للخطر على يد فرعون مصر، ظهرت قوة الله في إنقاذ إبراهيم. كما أن علم الله المطلق تجلى في تأكيده الوعدلإبراهيم بابن من سارة قبل أن يولد إسحق بسنين عديدة، فعلى مدى خمس وعشرين سنة من إطاعة إبراهيم لله بالهجرة إلى كنعان، ظل وعد الله بمولد إسحق يزداد وضوحاً أمام إبراهيم، كما عرف الله شر سدوم وعمورة (18: 20)، كما أن دينونة تلك المدن جعلت إبراهيم ييقن فوق إيقان - أن الله البار العادل لايمكن أن يسمح بأن يستمر هذا الشر إلى ما لا نهاية. ومع أن ذنب الأموريين لم يكن قد كمل في زمن إبراهيم (15: 16) إلا أن القضاء على تلك المدن كان قد آن أوانه، ولكن حتى بالنسبة لهذه المدن، سبقت الرحمة الدينونة بالنسبة للوط البار الذي عاش بين هؤلاء الناس بعض الوقت. لا شك أن حياته كانت تعكس بر الله وقداسته، ولكن دعوته للآخرين لم تجد استجابة، وهكذا نجا هو وبيته فقط قبل وقوع دينونة الله.

ومحبة الله وعنايته وقصده وإرشاده كانت كلها أموراً واضحة في حياة إبراهيم بصورة دائمة. وفي الوعد السداسي لإبراهيم عندما دعاه الله (12: 2 و3) أدرك إبراهيم أن محبة الله ستغمره بالبركة حتى إن نسله سيكون أمة عظيمة كما ستكون سبب بركة لكل أمم الأرض. وإذ عرف إبراهيم خطة الله وقصده من نحوه، ترك إبراهيم - بكل شهامة - للوط أن يختار ما يشاء عندما كان لابد من أن ينفصلا (13: 8). وكذلك رفض قبول المكافأة من ملك سدوم وشهد له بأن إلهه هو " مالك السموات والأرض " (14: 22). ثم أن إبراهيم أعطى العشور لملكي صادق كاهن الله العلي (14: 18 - 20). كان إبراهيم يخاف الله (22: 12)، وكان حبه واحترامه وإجلاله لله أموراً واضحة في موقف الإيمان والطاعة والتسليم القلبي الكامل لله إلى حد تقديم ابنه محرقة. وكان مستوى حياة إبراهيم الأدبي والأخلاقي يعكس حقيقة أنه يعبد " الله القدير " (17: 1) وهكذا شهد الله عنه: " لأني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا براً

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير