تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

اعتراض ذو وجاهة شكلية ويمكن أن يأتي اعتراض مقبول: إذا كان ذلك كذلك فلم اضطر المسلمون إلى التوحيد بين النسخ؟

لهذه المسألة عدة علل مادية مثل:

تخلف الكتابة من حيث ضبط النطق والتمييز بين الحروف وقلة النسخ وكثرة الاعتماد على الذاكرة الموروث عن الجاهلية فضلا عن العلل المادية الأخرى التي تنتج عن فروق النطق بين العرب وبين الأفراد إلخ .. لكن أهمها الجواب القرآني الذي جاء في الكلام الصريح على نسخ الآيات أو إنسائها أو حتى تبديلها. ولعل أوضح الآيات في الباب هي:"وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ" [النحل:101]. فهذا يعلل الاختلاف الطفيف بين النسخ وهو اختلاف أدى إلى ضرورة التخلص منه بالشروط التي يقتضيها العلم بالتعامل مع الوثائق لئلا يتسع بمرور الوقت: أعني بتكوين لجنة علمية من المختصين تحسم أمر الخلافات بمعيار حدده القرآن نفسه هو معيار الشهادة التي ينبغي أن تستند إلى شاهدين عدلين على الأقل.

لذلك فالتخلص من الطفائف لم يكن بحذفها بل بتحديدها ورصدها وإثباتها إذا ثبت بإجماع أنها سمعت من الرسول نفسه مع تطبيق معايير الشهادة القانونية في هذا الضبط: أن يشهد شاهدان عدلان على الأقل. فبعض المسلمين يمكن أن يكون قد اطلع على ما لم يطلع عليه البعض الآخر عند حصول النسخ أو الإنساء أو التبديل فكان حفظه أو نسخته مختلفة عن الحفظ والنسخ الأخرى. إن إبقاء المسلمين على هذه الاختلافات الطفيفة في مناقشاتهم العلمية دليل على الصحة وليس على الوضع إذ لو كان في الأمر نحل لما وقع الاعتراف بالاختلاف أصلا.

ولذلك فكل ما تجده في كتب المستشرقين حول هذه المسائل مستقى من نقاشات علماء المسلمين الأفاضل إذا كان موضوعيا ونزيها. وما عداه من أقوالهم آراء شخصية بمعايير عصرهم مصدرها الأساسي محاولة تعميم صفات التحريف التي توجد في الأناجيل والتوراة على القرآن لعدم قبولهم بأن يكون كتاب المسلمين شاذا من هذا الوجه (رغم ما ينعتونه به من شذوذ في الكثير من الوجوه خاصة ما يظنونه نقائص وهي عين الكمال عند فهم حقيقة الرسالة التي تنظر إلى الإنسان من حيث هو كائن سوي يجمع بين القانونين الطبيعي والخلقي) وبالذات لأنه تقدم على محاولاتهم العلمية المتأخرة ببيان التحريف فيها منذ نزوله وهو ما حصنه ضد التحريف. وفوق كل ذي علم عليم.

المصدر. ( http://www.almultaka.net/ShowMaqal.php?module=d0fd5287a31029e856b6554f05cd5 99f&cat=1&id=655&m=1fbd6cdde9948e4409f82606f83492e4)

ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[29 Apr 2009, 11:56 م]ـ

بارك الله فيك أبا عبدالله

ـ[بلال الجزائري]ــــــــ[30 Apr 2009, 03:32 م]ـ

أشكرك للشيخ الكريم المشرف العام، وأثمن له هذه المتابعة، ولزيادة العلم، فإن المقال نشر اليوم في ملحق الدين والحياة (جرية عكاظ) الخميس 5/ 5/1430هـ، 30/ 4/2009م.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير