تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كما كان يصنعه ورقة أيضا. وقد أورد سام شمعون ذاته خبرا من سيرة ابن إسحاق، وهو مجرد مثال، يقول إن ورقة قد لقى النبى وهو يطوف حول الكعبة، أى أن ورقة كان يطوف بها هو أيضا، فدار بينهما ما دار من حوار. فهل كان ورقة وثنيا؟ بالطبع كلا ثم كلا ألف مرة! لقد بُنِيَت الكعبة لعبادة الله الواحد الأحد، وكان الطواف حولها والسعى بين الصفا والمروة جزءا من العبادة التوحيدية منذ أقام بنايتها إبراهيم وإسماعيل. ثم جاء الوثنيون فنصبوا بها الأوثان والأصنام، فهى إذن بريئة من هذه وتلك، ولا تثريب على من يعبد الله فيها مخلصا له الدين. إنما التثريب والملامة على من يشرك بالله شيئا من تلك الأصنام والأوثان حتى لو لم يطف بالكعبة أو يَسْعَ بين الصفا والمروة. المشكلة إذن فى الأصنام والأوثان والاعتقاد فيها وإشراكها بالله سبحانه عز شأنه، وما عدا هذا فهو من الشعائر التوحيدية القديمة كما وضحنا، فلا داعى للتنطع والنفاق الثقيل الظل.

وبالمناسبة لقد كان المسيح عليه السلام يتردد على هيكل بيت المقدس ويؤدى فيه شعائر العبادة بوصفه واحدا من بنى إسرائيل رغم أن اليهود كانوا يدنسونه بتجارتهم ورباهم ومؤامراتهم ونفاقهم ويبيعون فيه الحمام، فضلا عن تحويلهم إياه مغارة لصوص كما أكد عيسى بن مريم عليه السلام حسب رواية الإنجيل المنسوب إلى مرقس فى الإصحاح الحادى عشر ... إلى أن نهرهم عيسى عليه السلام وطردهم خارجه، وإن عادت الأمور بعد قليل إلى ما كانت عليه سابقا: "15وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ. 16وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَازُ الْهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ. 17وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلا لَهُمْ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا: بَيْتِي بَيْتَ صَلاَةٍ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ؟ وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ». 18وَسَمِعَ الْكَتَبَةُ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ فَطَلَبُوا كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوهُ، إِذْ بُهِتَ الْجَمْعُ كُلُّهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ". كما أن الشيطان قد اعتلى الهيكل مرة على الأقل، وذلك حين أراد تجربة المسيح لمعرفة مدى إيمانه بربه سبحانه وتعالى طبقا لما كتبه متى فى الإصحاح الرابع من إنجيله: "5ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ، 6وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ» ".

وكان تلاميذالمسيح قد رَأَوْا بعد تركه الدنيا أن الهيكل لا يليق بأن يجتمعوا فيه، فكيف ينبغى، بناء على طريقة سام شمعون، أن نحكم على تردده هو عليه، وهو السيد، وهم التلاميذ؟ ولنقرأ هذه الفقرة القصيرة من مادة "هيكل" فى "دائرة المعارف الكتابية": "بعد صعود الرب يسوع المسيح بدأ الرسل والتلاميذ يجتمعون فى الهيكل فى أورشليم (أع 2: 46، 3: 1 - 10، 5: 12، 20 و24 و42). ولكن يتضح من حديث إستفانوس أنهم أدركوا أن الإيمان بالمسيح لا يتفق مع النظام الذي يعبر عنه الهيكل اليهودي (أع 6: 11 - 15، 7: 48 - 50). فنجد التلاميذ بعد ذلك مجتمعين فى بيت مريم أم يوحنا الملقب: مرقس، للصلاة من أجل بطرس (أع 12: 13) ". والآن هل يلام المسيح على تردده على الهيكل للعبادة؟ أم هل يُنْظَر إلى عمله حسب نيته ومقصده؟

وقبل هذا جاءت على الهيكل أوقات نُصِبَ فيه كثير من الأصنام والأوثان كما تبين النصوص التالية من الإصحاحين الحادى والعشرين والثالث والعشرين من سفر "الملوك الثانى"، والثالث والثلاثين من سفر "الأيام الثانى"، والثامن من سفر "حزقيال"، وهى مجرد أمثلة ليس إلا. فهل صيرت هذه الأصنام الهيكل معبدا وثنيا؟ كلا، إذ لا تزر وازرة وزر أخرى، بل الذى يبوء بالإثم هو من أدخل الوثنية إلى هيكل الرب، ذلك الهيكل الذى أوجب الله سبحانه على عباده المؤمنين أن يبعدوا عنه كل صنم ووثن، وأن يبقوه معبدا توحيديا خاصا به جل وعز، تماما مثلما الأمر بالنسبة إلى البيت الحرام، وكذلك يبوء بالإثم من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير