تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بعد ذلك على معرفة بها، ولا ذبحتُ لها حتى أكرمني الله عز وجل برسالته صلى الله عليه وسلم.

... عن المسعودي عن نفيل بن هشام عن أبيه قال: مر زيد بن نفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى زيد بن حارثة، فدعواه إلى سفرة لهما، فقال زيد: يا ابن أخي، إني لا آكل ما ذُبِح على النُّصُب. قال: فما رُئِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك اليوم يأكل شيئا ذبح على النصب.

... عن ابن اسحق قال: وقد كان زيد أجمع على الخروج من مكة يضرب في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم، فكانت امرأته صفية ابنة الحضرمي كلما أبصرته قد نهض إلى الخروج وأراده آذنت به الخطاب بن نفيل. فخرج زيد إلى الشام يلتمس ويطلب في أهل الكتاب الأول دين إبراهيم ويسأل عنه. فلم يزل في ذلك حتى أتى الموصل أو الجزيرة كلها، ثم أقبل حتى أتى الشام فجال فيها حتى أتى الموصل أو الجزيرة كلها، ثم أقبل حتى أتى راهيا انتهى إليه علم النصرانية فيما يزعمون، فسأله عن الحيفية دين إبراهيم، فقال الراهب: إنك لتسأل عن دينٍ لستَ بواجد من يحملك عليه اليوم. لقد درس علمه، وذهب من يعرفه، ولكنه قد أظلك خروج نبي يُبْعَث بأرضك التي خرجت منها بدين إبراهيم الحنيفية، فعليك ببلادك فإنه مبعوث الآن. هذا زمانه. وقد كان شامَ اليهوديةَ والنصرانيةَ، فلم يرض شيئا منهما، فخرج سريعا حين قال له الراهب ما قال، يريد مكة. حتى إذا كان بأرض لخم عَدَوْا عليه فقتلوه ...

عن ابن أسحق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، أو محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي أن عمر بن الخطاب وسعيد ابن زيد قالا: يا رسول الله، نستغفر لزيد؟ فقال: نعم، فاستغفروا له، فإنه يُبْعَث أمة وحده ... عن المسعودي عن نفيل بن هشام عن أبيه أن جده سعيد بن زيد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه وزيد بن عمرو فقال: يا رسول الله، إن أبي زيد بن عمرو كان كما رأيت وكما بلغك. فلو أدركك آمن بك. أفأستغفر له؟ قال: نعم، فاستغفرْ له، فإنه يجيء يوم القيامة أمة وحده. وكان، فيما ذكروا، يطلب الدين فمات وهو في طلبه". وليس فى كلام سعيد بن زيد ما يشى، ولو على سبيل التوهم، بأنه كان فى ذهنه أىّ شىء عن تناول رسول الله قبل البعثة طعاما من لحوم الأنصاب، بل بالعكس نرى سعيدا وهو يحاول نيل رضا الرسول على أبيه لأنه تُوُفِّىَ قبل بعثة النبى عليه السلام فلم يكتب له الدخول فى دين الله. ولو كان الأمر كما فهم سام شمعون من أكل النبى من ذبيحة الأنصاب ورفْض زيد لها لما كانت بسعيد بن زيد حاجة إلى طلب الاستغفار من النبى لأبيه، إذ إن أباه فى هذه الحالة قد عرف طريقه إلى الهدى لا يُعْوِزه دعاءٌ ولا ترضٍّ من أحد، بل لما دخل سعيد فى الإسلام أصلا ويعرض نفسه للأذى والإهانة والخوف والتخفى بدينه الجديد وهو يرى أباه قد سبق النبى فى هذه الأمور!

ونفس الشىء قل فى طواف النبى حول الكعبة وسعيه بين الصفا والمروة قبل مبعثه، فإنه لم يكن يعتقد فى الأصنام والأوثان، بل كان يتقرب إلى الله. ولم يكن ثم معبد آنذاك فى مكة يخلو من الاصنام والأوثان حتى يستغنى به الرسول عن البيت الحرام. ولو ترك الطواف حول الكعبة والسعى بين الصفاوالمروة لهذا الاعتبار لما كان مستطيعا أن يؤدى شعيرة. والعبرة بالنية والتوجه كما قلنا ونقول. ولم يكن محمد وحده من بين من لا يؤمنون بالأصنام والأوثان يصنع ذلك، بل كان يصنعه كذلك على سبيل المثال زيد بن عمرو بن نفيل، الذى يظن شمعون أنه قادر على النيل من رسول الله بمقارنته به. فعن أسماء بنت أبى بكر: "لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش، والذي نفس زيد بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري. ثم يقول: اللهم لو أني أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به، ولكني لا أعلمه. ثم يسجد على راحته". وعن بعض آل زيد بن عمرو بن نفيل أن "زيدا كان إذا دخل الكعبة قال: لبيك حقا حقا، تعبُّدا ورِقًّا. عذت بما عاذ به إبراهيم وهو قائم، إذ قال: أنفي لك عانٍ راغم. مهما تجشِّمني فإني جاشم. البِرَّ أبغي لا الخال (أى لا الفخر). ليس مهجِّرٌ كمن قال".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير